في النظرة العلمية للواقع
مقدمة
مهمة العلم هي أن يعطينا إجابات عن طبيعة العالم الذي نعيش فيه
..مما يتكون؟ ما علاقة أجزاءه بعضها ببعض؟
العلم يلتزم في بحثه على الخبرة والتجربة والقياس التي تأتي في
النهاية عن طريق الحواس الخمسة :
المعرفة التي تثبت التجربة صحتها هي صحيحة.
المعرفة التي تثبت التجربة خطئها هي خاطئة.
أي ظاهرة لا يمكن قياسها أو التثبت منها بواسطة التجربة هي
ظاهرة خارج إطار العلم .. لا يمكن للعلم البت بها.
هذه هي الطريقة التي يعمل بها العلم .. هذا هو المنهج العلمي.
لقد استخدم العلماء هذا المنهج في تقصي الكثير من الظواهر في
الطبيعة على الأرض وفي السماء وقد أثبت هذا المنهج نجاحه الباهر
مما زاد الثقة به أكثر وأكثر.
وكما إنك تنظر حولك فترى أشياء مختلفة ..أشجار..بحار..سماء وكواكب
ونجوم وتظن أنك تدرك كل شيء .
فكذلك العلماء كانت لهم نفس النظرة وانطلقوا منها باستخدام المنهج
العلمي لمحاولة معرفة مما تتكون هذه الأشياء التي نراها وما علاقة
بعضها ببعض ، ومن مسألة إلى أخرى ومن ظاهرة إلى أخرى أصبح فهمنا
للعالم يتعمق أكثر وأكثر.
وكلما تعمقنا أكثر في البحث ظهرت ظواهر جديدة لفهمها فلابد أن
نتعمق أكثر أيضاً..
قبل نهاية القرن الثامن عشر كان لدى العلماء فهماً عن
الكون يقارب فهم الإنسان العادي ولكنه بطبيعة الحال أكثر عمقاً
وضبطاً بالتجارب والمعادلات الرياضية.
هو اختلاف في مستوى التفاصيل..في الكم .
ولكن فهم العلماء والإنسان العادي كان يبدو متقارباً من حيث المبدأ
..
ولكن في نهاية القرن الثامن عشر ظهرت أمام العلماء أسئلة لم
يتمكنوا من الإجابة عنها أو تفسيرها على الرغم من المحاولات
العديدة .
ظهرت هناك مشكلتان ليس لهما تفسير ولابد من إيجاد تفسير لهما:
المشكلة الأولى هي مشكلة انعدام الدليل على وجود الأثير.
المشكلة الثانية هي تفسير إشعاع الأجسام .
لن نخوض هنا في شرح هاتين المشكلتين ما يهمنا أن تعرفه هنا
هو إن حل هاتين المشكلتين أدى إلى تغيير كامل في نظرة العلماء
للعالم .
محاولة الإجابة عن المشكلة الأولى أدت للنظرية النسبية ومحاولة
الإجابة عن المشكلة الثانية أدت لنظرية ميكانيك الكم .
كلتا النظريتان تعطيان صورة مغايرة تماماً للواقع عما كنا نظن من
قبل.
لم يعد ينظر العلماء للعالم كما ينظر الإنسان العادي ..
الاختلاف بين نظرة العلماء ونظرة الإنسان العادي عن العالم أصبح
اختلافاً كيفياً.
سنوضح هنا بإيجاز كيف أدت كل من هاتين النظريتين إلى تغيير نظرتنا
للواقع ولماذا..
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |