|
ما هي الثروة ؟
كل إنسان يتمنى ويسعى ويحلم بأن يكون ثرياً .
في الحقيقة فإن السعي من أجل المال .. الذهب .. الفضة يكاد يكون
المحرك الأول لفعل الإنسان .
هناك عدد لا يحصى من الحروب والصراعات والجرائم والمؤامرات ارتكبت
في سبيل الحصول على الثروة .
ولكن ما هي الثروة ؟
الثروة يمكن أن تكون بعدة أشكال :
أراضي .. عقارات ومنازل ومباني .. حيوانات ومواشي .. أسهم وسندات
والكثير غيرها وكلها أشكال للثروة ولكن ليس هذا ما يتبادر إلى
الذهن عندما يفكر الإنسان بالثروة .
ما يتبادر فوراً إلى الذهن هو الشكل الخالص للثروة :
النقود والأموال .. الذهب والفضة .
النقود كعملات ورقية والذهب والفضة هي ما يمثل الصورة الخالصة
للثروة وهي ما يسعى إليه الإنسان طوال حياته وهي ما يتمناه ويحلم
به .
إن امتلاك هذا الشكل الخالص من الثروة هو ما يمثل الفارق بين الغنى
و الفقر .
كلما امتلك المرء كماً أكبر من النقود أو الذهب والفضة كلما كان
أشد ثراءاً وغناً .
وكلما قل الكم الذي يملكه من النقود والذهب والفضة كلما كان أشد
فقراً .
إن امتلاك هذا الشكل الخالص من الثروة يمثل الفارق بين السعادة
والبؤس ..
الحرية والقيود ..
الكرامة والذل ..
الراحة والشقاء ..
الأمان والخوف .
يكفي أن نقول أن مصير الإنسان نفسه ومستقبله يتحدد بالكم الذي
يملكه الإنسان من هذا الشكل الخالص للثروة متمثلة بالنقود والذهب
والفضة.
فلماذا؟
عندما نضع في أيدينا كماً ما من النقود أو الذهب وننظر إليه فنحن
نعلم أهمية ما يوجد بين أيدينا .. ونعلم مدى قوته وسطوته !
ونحن نعلم أن مستقبلنا ومستقبل من نحب يحدده الكم الذي نملكه مما
بين أيدينا .. ولكننا هنا نتساءل :
لماذا؟ وكيف ؟
لماذا لهذه النقود التي بين أيدينا هذا الكم الهائل من السطوة
والقوة ؟
وكيف أن مجموعة من الأوراق أو كتلة من المعدن نضعها بين أيدينا لها
هذه القدرة على تحديد مصير الإنسان ومستقبله ؟
ففي النهاية الذهب ليس إلا كتله من المعدن لا تُؤكل ولا تستخدم
لشيء ضروري .
والنقود ليست إلا مجموعة من الأوراق الملوّنة !
فلماذا لهما هذا القدر من السطوة والقوة ؟
السبب هي أن الثروة بشكلها الخالص متمثلة بالنقود والذهب والفضة هي
مُعادل عام لكل شيء آخر
نرغب فيه ونتمناه .
النقود الورقية والذهب والفضة أهميتها تتحدد بأنه بواسطتها
يمكننا الحصول على أي شيء آخر نرغب فيه .
يمكننا بواسطة النقود أن نحصل على المنزل .. السيارة .. الطعام ..
الشراب .. الملابس ..المجوهرات ..الأثاث .. التحف .. الأجهزة ..الخ
الخ
باختصار يمكننا من خلال النقود الحصول على أي سلعة نرغب في الحصول
عليها .
وبواسطة النقود يمكننا الحصول أيضاً على أي خدمة نحتاجها ..
يمكننا الحصول على الخدم والحشم الذين يعملون لراحتنا وندفع لهم
مقابل الخدمات التي يقدمونها لنا ..
يمكننا استئجار أي منزل أو عقار أو سيارة أو أي شيء آخر..
يمكننا دفع تذاكر الطائرة .. فاتورة كهرباء .. اتصالات .. علاج في
مستشفى .. تعليم في مدرسة أو جامعة .. وجبة في مطعم .. جناح في
فندق .. رحلة سياحية .. حفلة غنائية
الخ
باختصار يمكننا من خلال النقود الحصول على أي خدمة نرغب في الحصول
عليها .
هذه هي أهمية الشكل الخالص للثروة .. هذه هي أهمية النقود الورقية
والذهب والفضة !
بواسطة هذا الشكل الخالص من الثروة يمكننا الحصول على أي سلعة أو
خدمة نرغب بها ..
فعندما يكون لدينا النقود يمكننا الحصول على أي شيء آخر ..
ولهذا السبب يسعى الناس للحصول على الشكل الخالص للثروة بدلاً من
السعي للحصول على هذه السلعة أو تلك لأنه عندما يمتلك المرء النقود
والذهب يمكنه أن يمتلك أي شيء آخر .
وهذا ما نقصده عندما نقول
أن الشكل الخالص من الثروة متمثلة بالنقود الورقية والذهب
والفضة هو مُعادل عام ..
أي أن بواسطة هذا المعادل العام يمكننا الحصول على أي سلعة أو خدمة
أياً كانت .
لقد توصلنا أن أهمية النقود والذهب تتمثل بأنهما معادل عام وهذا
يكشف شيء آخر بالغ الأهمية :
هذا يكشف أن الإنسان لا يرغب بالشكل الخالص للثروة لأجل ذاتها بل
لأن بواسطتها يمكن الحصول على أي شيء آخر .
الإنسان لا يريد المال لأنه يريد المال ..
هو يريد المال لأنه بواسطته يحصل على شيء آخر يريده .
فلو كان هناك إنسان يعيش وحيداً على جزيرة ولا يمكنه الاتصال
بالعالم الخارجي فإن النقود والذهب والفضة لا قيمه لهم في نظرة ..
فماذا عساه أن يفعل بها ؟
لا شيء ..
فطالما أن النقود والذهب لن يوفرا له أشياء أخرى يحتاجها فلا قيمة
ولا حاجة لهما .
وكذلك الأمر لو أعطينا إنساناً ما كماً هائلاً من النقود الورقية
وكماً آخر من الذهب ولكننا اشترطنا عليه ألا يستبدل هذه الثروة بأي
شيء آخر ومنعناه منعاً باتاً من أن يحصل مقابلها على أي سلعة أو
خدمة .. فلن يكون لهذه الثروة أي قيمة أو أهمية بالنسبة له .
فإذاً لا قيمة للنقود والذهب إلا عندما يؤديا وظيفتهما كمعادل عام
.. أي عندما يمكننا أن نستبدلهما بالسلع والخدمات الأخرى .
ولو كان المرء يمكنه الحصول على أي سلعة أو خدمة يشاء عندما يطلبها
فلا حاجة له لا بالنقود ولا بالذهب
وهذا اكتشاف بالغ الأهمية !
لأننا نكتشف هنا أن الثروة في الحقيقة ليست هي النقود الورقية
والذهب .. بل السلع والخدمات .
السلع و الخدمات هي التي نرغب بها ونسعى إليها ولا قيمة للنقود
والذهب إلا عندما يمكن أن يكونا وسيطاً للحصول على هذه السلع
والخدمات .
فطالما إننا اكتشفنا هذا الاكتشاف الهام وهو أن الثروة في الحقيقة
هي السلع والخدمات .. فما هي السلع وما هي الخدمات ولماذا لهما هذه
الأهمية ؟
السلع
السلعة هي أي شيء ملموس يحقق إشباع وسد لحاجة ما عند
الإنسان .
الطعام .. الشراب .. المنزل .. الثياب .. الدواء .. السيارة
..الوقود .. الأثاث .. الأجهزة الكهربائية والإليكترونية ..
والكثير غيرها
كلها أشياء ملموسة تشبع وتسد حاجة عند الإنسان
الخدمات
الخدمة هي أي شيء غير ملموس يحقق إشباع وسد لحاجة ما عند
الإنسان .
التعليم .. العلاج .. خدمات النقل والشحن .. الاتصالات .. الكهرباء
.. الترفيه .. خدمات الأشخاص الآخرين كالعمال والأجراء والكثير
غيرها
كلها أشياء غير ملموسة تحقق إشباع وسد حاجة للإنسان الذي يحتاجها .
الكل يسعى ويرغب في الثروة .
وقد كنا نظن أن الثروة هي النقود والذهب والفضة ولكن بعد شيء من
التدقيق والتحليل تبيّن لنا أن النقود والذهب لا يعتبران ثروة إلا
لأنهما يؤديان إلى الحصول على السلع والخدمات وتبين معنا أن الثروة
الحقيقة هي السلع والخدمات ..
ولكن من أين تأتي هذه السلع و الخدمات ؟ كيف تظهر للوجود ؟
مما تتكون السلع؟
السلعة .. أي سلعة أياً كانت ومهما كانت هي مزيج من شيئين اثنين :
مادة طبيعية وعمل يقوم به الإنسان على هذه المادة الطبيعية .
لتوضيح هذه النقطة الهامة
لنأخذ أي سلعة .. لنأخذ الطعام مثلاً ..
الطعام هو في النهاية إما نباتي وإما حيواني وكلاهما يتكون من شيء
طبيعي (موجود في الطبيعة ) وعمل تم عليه يقوم به الإنسان .
فالطعام النباتي هو نتاج للمياه والتربة والبذور (وهي أشياء موجودة
في الطبيعة ) وعمل تم عليها وهو الزراعة التي يقوم بها الإنسان وما
ينتج عن هذا العمل من خضروات وفاكهة ومحاصيل متنوعة .
والطعام الحيواني هو نتاج لحيوانات (مخلوقات موجودة في
الطبيعة) وعمل تم عليها وهو الرعي و التسمين والعناية والاستيلاد
وهو عمل يقوم به الإنسان .
لنأخذ سلعة أخرى ..
الخشب والحديد الذي نستخدمهما في استخدامات كثيرة .
الخشب هو في النهاية مادة طبيعية تأتي من الأشجار وعمل يقام عليه
بتقطيعه ونشرة وإعداده كألواح ونقله وكله عمل يقوم به الإنسان .
الحديد هو مادة خام موجودة في الطبيعة وعمل يقوم به الإنسان
باستخراجه وصهره وتنقيته وإعداده بأشكال مختلفة كأسلاك أو قوالب ..
وكله عمل يقوم به الإنسان .
في النهاية أي سلعة هي إما مادة طبيعية أو مادة مصنّعه .
المواد الطبيعية هي أشياء موجودة في الطبيعة كالنباتات والحيوانات
و كالحديد والألمنيوم والخشب النحاس وعمل يقوم به الإنسان عليها
باستخراجها وتنقيتها ونقلها وتنميتها واستيلادها وزراعتها .
المواد المصنّعة هي في النهاية أشياء موجودة في الطبيعة يستخرج
الإنسان منها مواد أخرى ويمزج بعضها ببعض لاستخراج مواد جديدة
كالنفط وهو مادة طبيعية يقوم الإنسان بعمل عليه باستخراجه وتنقيته
ثم باستخراج مواد أخرى كالبلاستيك ومصادر الطاقة .
فالمواد المصنّعة لا تأتي من العدم!
هي في النهاية مواد موجودة في الطبيعة وعمل يقوم به الإنسان عليها
من مزج واستخراج وتصنيع .
يتم استخدام هذه المواد الطبيعية و المصنّعة في صنع أشياء أخرى
إضافية بالعمل الذي يقوم به الإنسان ..
فبالحديد والخشب والنحاس والكثير من المواد الطبيعية والمصنّعة يتم
تصنيع السيارات والماكينات والمولدات والمحركات والمباني والشوارع
والأجهزة والملابس والأدوية على اختلاف أنواعها بعمل إضافي يقوم به
الإنسان .
كل سلعة مهما كانت مصنّعة أم غير مصنّعة هي في النهاية مزيج
من شيئين اثنين :
مادة موجودة في الطبيعة وعمل يقوم به الإنسان على هذه المادة .
فكّر في
أي سلعة مهما كانت ستجد أنها في النهاية لا يمكن إلا أن تكون
مزيجاً من مادة طبيعية وعمل يقوم بها الإنسان عليها .
والآن نتجه للخدمات فمما تتكون الخدمات؟
والخدمات هي أيضاً في النهاية مزيجاً من مادة طبيعية وعمل يقوم به
الإنسان عليها .
لماذا؟
لأن الخدمات في النهاية هي أيضاً مزيج من اثنين :
سلعة وعمل يقوم به الإنسان .
فخدمة التعليم لا تتم إلا من خلال أشياء ملموسة كالمباني والصفوف
والأثاث والكتب والدفاتر (وهي سلع ) وعمل يقوم به الإنسان بعملية
نقل المعرفة التي يقوم بها المدرسون .
وخدمة العلاج لا تتم
في النهاية إلا من خلال أشياء ملموسة (سلع) كالمباني والأجهزة
والأدوية ومواد المختبرات والأسّرة وعمل يقوم به الإنسان وهو العمل
الذي يقوم به الأطباء والممرضون وغيرهم .
وخدمات الاتصالات والكهرباء لا تتم في النهاية إلا من خلال أشياء
ملموسة (سلع) كالمباني والمولدات والأبراج والأجهزة وعمل يقوم به
الإنسان وهو العمل الذي يقوم به المهندسون والفنيون وغيرهم .
وخدمة النقل والشحن لا تتم إلا من خلال أشياء ملموسة (سلع)
كالسيارات والشاحنات والسفن والطائرات وعمل يقوم به الإنسان
بقيادتها .
كذلك الأمر بخدمات الترفيه فهي أيضاً أشياء ملموسة (سلع ) كالمباني
والمسارح والسينمات و الأجهزة المستخدمة فيها وعمل يقوم به الإنسان
بواسطتها من تمثيل وغناء ورقص .
فكّر في أي خدمة يمكن أن تحتاجها ستجدها في النهاية تتكون من أشياء
ملموسة (سلع ) وعمل يقوم به الإنسان وبذلك تتحقق هذه الخدمة مهما
كانت .
وهكذا فإن أي خدمة مهما كانت هي في النهاية عبارة عن مزيج من شيئين
اثنين : سلعة وعمل يقوم به الإنسان .
وكما ذكرنا من قبل فالسلع هي في النهاية مادة طبيعية وعمل يقوم به
الإنسان عليها وبالتالي فالخدمة هي أيضاً في النهاية مادة طبيعية
وعمل يقوم به الإنسان عليها . وبذلك..
فالخدمة .. أياً كانت هي
: سلعة + عمل
الإنسان
والسلعة .. أي سلعة هي : مادة طبيعية + عمل الإنسان
فأي سلعة وأي خدمة مهما كانتا هما في نهاية الأمر لا يمكن أن يكونا
سوى مزيج من شيئين اثنين : مادة طبيعية وعمل الإنسان
وقد توصلنا من قبل أن الثروة الحقيقية التي يرغب بها الإنسان ويسعى
لها هي السلع والخدمات على اختلافها . ثم توصلنا إلى أن أي سلعة وأي خدمة هما في النهاية عبارة عن مادة طبيعية وعمل يقوم به الإنسان .
النتيجة الهامة لحقيقة الثروة :
وبذلك نتوصل لاكتشاف بالغ الأهمية ..
وهو أن الثروة الحقيقية هي الموارد الطبيعية وعمل الإنسان .
لأنه دون موارد طبيعية ودون عمل الإنسان لا يمكن أن تكون هناك سلع أو
خدمات .
ودون وجود سلع وخدمات لا أهمية ولا معنى للنقود والذهب .
فمن أين تأتي الموارد الطبيعية ؟
الموارد الطبيعية تأتي من الأرض التي نعيش عليها ..
هي موجودة وجاهزة للاستخدام ..
الهواء ..التربة .. الماء .. النباتات .. الحيوانات .. النفط ..
الغاز .. الفحم .. الحديد وكافة المعادن التي نستخدمها وكل المواد
الطبيعية هي موجودة على الأرض جاهزة لنا ..
لم يخترعها ولم يخلقها أحد من البشر ..
وبالتالي ليس من حق أحد أن يدعي إنها له .. لأنها موجودة من قبل أن
يكون هناك بشر وهي مجانية وجاهزة للاستخدام .
كل الزراعة والصناعة التي ينتج عنها السلع والخدمات التي نحتاجها
ونسعى للحصول عليها تأتي من استخراج هذه الموارد الطبيعية ومن
الاستفادة منها وتنميتها ونقلها والتعديل عليها بالعمل الذي يقوم
به الإنسان.
ومن أين يأتي العمل ؟
العمل يأتي من الإنسان .. من جهده الذهني والبدني .
الإنسان يأخذ الموارد الطبيعية مجاناً من الأرض ثم يقوم بالاستفادة
منها بالزراعة والصناعة مستخدماً جهده الذهني والبدني ..
من خلال استخدام التربة والهواء والماء والبذور يقوم الإنسان
بزراعة المحاصيل والخضار والفاكهة وهو يستخدم معرفته التي يتعلمها
تدريجياً وجهده البدني للقيام بذلك ..
ومن خلال استخدام الموارد الطبيعية يصنع الإنسان الأدوات والأجهزة
والمعدات والمباني وهو يستخدم معرفته التي يتعلمها وجهده البدني
للقيام بذلك .
ومن خلال البحث العلمي والبحث عن القوانين الطبيعية وهو العمل
الذهني الذي يقوم به العلماء يحسّن الإنسان من معارفه الذهنية
وبالتالي تتحسن قدراته في الزراعة والصناعة ..
تُنتج محاصيل أكثر وأفضل ويتم إنتاج سلع أخرى جديدة لم نكن نصنعها
من قبل .
وهكذا فالعمل يأتي من جهد الإنسان الذهني والبدني ومن خلال العمل
يتم صناعة وزراعة وعمل كل شيء ..
فكل المطلوب إذاً للحصول على أي سلعة أو خدمة مهما كانت هو توفر
شيئين فقط :
الموارد الطبيعية وعمل الإنسان .
فإذًا كل شيء نحتاجه لنصبح كالمجتمع الممكن الذي تحدثنا عنه موجود
لدينا الآن ولا ينقصنا منه شيء !
الموارد الطبيعية موجودة .. وطاقات العمل موجودة .
لقد علم أفراد ذلك المجتمع الممكن أيضاً إن كل ما يحتاجونه لبناء
حضارة عظيمة ورائعة كحضارتهم متوفر لديهم أيضاً .
الموارد الطبيعية متوفرة على الأرض ..
والعمل الذي يقوم بتحويل هذه المواد الطبيعية هو عملهم هم .. فما
المشكلة إذاً ؟!
في الحقيقة لا توجد أي مشكلة ..
لقد قاموا ببناء حضارتهم على هذا الأساس !
عندما يحتاجون إلى مباني فكل ما عليهم هو استخراج المواد الأولية
ثم تحويلها إلى مباني بالشكل الذي يرغبون فيه ..
عندما يولد لديهم مليون طفل في السنة مثلاً .. فكل ما عليهم هو صنع
مليون مسكن جديد .. لا يوجد هناك مشكلة !
عندما يحتاجون إلى غذاء يقومون بزراعة النباتات واستيلاد المزيد من
المواشي ثم يقومون بتصنيع ذلك بما يكفي لإشباع جميع أفراد المجتمع
..
وإذا احتاجوا لكم أكبر من الغذاء في السنة التالية بسبب ازدياد عدد
السكان يقومون بزراعة المزيد بما يكفي السكان الجدد .. لا يوجد
هناك مشكلة !
وهكذا في كل حاجة يحتاجونها أو يرغبون فيها ..
هم ينتجون على حسب حاجة الجميع ..
ثم يتبادلون ما أنتجوه ..
وسواء كانت هذه الحاجة أساسية أو كمالية أو رفاهية فهم
ينتجونها عندما يرغبون في ذلك ..
ولهذا فكل شيء متوفر لديهم وعلى أعلى درجات الكمال ..
وكل شيء متوفر لكل أحد لأنهم ينتجون للجميع .. فهم جميعاً بشر وهم
جميعاً يتشاركون العيش على هذه الأرض .
وبطبيعة الحال لا يمكن لكل فرد أن ينتج كل شيء ..
لذا فكل مركز إنتاج في كل مدينة يتخصص بإنتاج شيء ما .. وهو ينتج
لجميع أفراد المجتمع ثم بعد ذلك يتبادلون ما أنتجوه ..
فمثلاً المراكز المخصصة لإنتاج الغذاء تزرع لجميع أفراد
المجتمع وليس فقط للإقليم الذي هي فيه ..
والمراكز المخصصة لإنتاج الأدوية تصنع أدوية لجميع أفراد
المجتمع وليس فقط للإقليم الذي هي فيه .. ثم يتبادلون ما أنتجه
كل منهم ..
وهكذا لكل أشكال المنتجات والخدمات .
ولأن عدد السكان ونسبة تزايدهم ونموّهم معروفة لديهم فهم يخططون
بدقة لكل شيء ينتجونه مسبقاً ..
مجتمعهم الذي تحدثنا عنه لا يوجد به أي شكل من أشكال الفقر والظلم
والتشرد .. بل هو مجتمع وفرة للجميع .
كافة الاحتياجات التي يحتاجونها أساسية كانت أم كمالية أم رفاهية
يحصلون عليها دون مقابل مادي لا مال ولا ذهب ولا أي شيء آخر ..
كلُ من يحتاج لشيء ما.. يحصل عليه فوراً ومجاناً .
الذي ينتج الغذاء ينتجه للجميع بعمله ثم يعطيه للآخرين مجاناً ..
ولكنه يحصل بمقابل الغذاء الذي أعطاه على كل شيء آخر يحتاجه أيضاً
مجاناً .
يحصل مقابل عمله المجاني على نتاج مجاني لعمل كل أحد آخر !
ما الفرق بيننا وبينهم إذاً ؟
لماذا مجتمعنا ليس كمجتمعهم ؟
لقد ذكرنا أن كل شيء مطلوب لإنتاج أي شيء هو الموارد الطبيعية وعمل
الإنسان .
نحن وهم لدينا نفس الأرض و بها نفس الموارد الطبيعية .. لا فرق
بيننا وبينهم في هذه المسألة .
ونحن وهم لدينا نفس القدرة على العمل .. نفس القدرات الذهنية
والبدنية .. لا فرق بيننا وبينهم في هذه المسألة أيضاً .
فلماذا هذا الاختلاف الشاسع بين مجتمعنا ومجتمعهم .. بين حضارتنا
وحضارتهم ؟
الفارق هو في النظام الاجتماعي بيننا وبينهم .
الفارق هو أن مجتمعهم يقوم على التعاون بينما يقوم مجتمعنا على
التنافس .
يترتب على ذلك أنهم ينتجون على أساس حاجة جميع أفراد المجتمع ثم
يتبادلون ما أنتجوه .
أما نحن فلا ننتج إلا على أساس حاجة وسطاء هم الذين يقررون لنا ما
ننتجه وهم الذين يقومون بعمليه التبادل وهم لا يسمحون بإنتاج أو
تبادل شيء إلا بعد أن يحصلوا على شيء يسمونه الربح .
فإذا لم يكن هناك ربح .. فلا يسمحون بإنتاج السلع والخدمات حتى لو
كان لدينا القدرة على إنتاجها وحتى لو كان هناك الملايين ممن هم في
حاجة لها .
هذا هو الفارق !
وهو الفارق الوحيد الذي يسبب هذا الاختلاف الشاسع بين مجتمعنا
ومجتمعهم .
كل شيء نحتاجه لكي ننعم بالعيش في مجتمع كمجتمعهم متوفر لدينا ..
وهو متوفر لدينا الآن في هذه اللحظة .
ما يمنعنا لأن نكون مثلهم هو وجود عوائق تعيق ذلك .
هذا العائق هو نظامنا الاجتماعي الحالي .
الجهل بحقيقة المرض هو الذي يسبب دوام المرض ..
والجهل بحقيقة أن نظامنا الاجتماعي هو العائق الوحيد الذي يمنعنا
من أن نكون مجتمع وفرة هو الذي يجعل وضعنا الحالي كما هو عليه .
الجهل هو العائق الأول
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |