|
تاريخ النظام - النظام القائم على الربح في عالمنا الموجود بالفعل
نشوء النظام وانتشاره .
النظام الاجتماعي الموجود في عالمنا يعمل بنفس الآلية التي شرحناها
في الموضوع السابق .
وآثاره تحدث تدريجياً .. لأنه ينتشر تدريجياً .
النظام الاجتماعي لم يحدث في كل دول العالم مرة واحدة بل هو قد نشأ
في منطقة معينة من العالم ثم انتشر تدريجياً نتيجة لأسباب تاريخية
سنوضحها في هذا الموضوع .
نظامنا الاجتماعي القائم على المنافسة على الربح هو النظام
الرأسمالي وقد نشأ في غرب أوروبا ثم انتشر من هناك ليعم العالم
بأسره من خلال الأحداث التاريخية التي حدثت منذ بداية نشأته وحتى
الآن .
وسنبين هنا بإيجاز كيف حدث ذلك فعلياً وتاريخياً .
لمحة تاريخية
لقد نشأ النظام الرأسمالي القائم على الربح في غرب أوروبا منذ
ثلاثة قرون تقريباً ..
وقد نشأ هناك بالذات ودوناً عن بقية العالم لأن الأسباب التي أدت
إلى نشوءه توفرت في تلك المنطقة ..
وكما تبدأ كرة الثلج صغيرة وبطيئة ثم تتسارع وتتضخم بسرعة أدت هذه
الأسباب لإعطاء ميزة السبق لهذه الدول أعطتها ميزة على بقية دول
العالم .
حركات النهضة
نتيجة لأسباب تاريخية كثيرة بدأت في تلك المنطقة حركة علمية
وثقافية وسياسية هائلة ساهمت بشدة في جعل هذه الدول متقدمة بعض
الشيء عن بقية الدول الأخرى ..
بدأت هذه الحركة بما يُعرف بين المؤرخين بحركة النهضة والتي بدأت
في إيطاليا في نهاية القرون الوسطى ثم امتدت واتسعت باتجاه غرب
أوروبا ..
حيث تعمّقت هذه الحركة بحركة تلتها يُعرف عصرها بين المؤرخين بعصر
التنوير ..
فحوى ومُؤدى هاتين الحركتين إنهما كانتا السبب في ثورة في الفكر
والثقافة وتقدم علمي واسع وقوي الزخم وفي مختلف المجالات ..
لقد تسببت هاتان الحركتان في أخراج شعوب تلك المنطقة من مفاهيم
وأفكار ما سبقها .
وبفعل جهد الكثير من الفلاسفة والمفكرين الذين برزوا في ذلك العصر
تمت إعادة تفكير وتساؤل في كل ما كان يعرف حتى الآن وبحث عميق في
كافة مجالات الفكر والفلسفة و الأدب و الفنون والدين وكل المجالات
الأخرى .
والمعرفة دائماً قوة !
أدت هذه المعرفة العلمية إلى تطور هام في الصناعات البدائية التي
كانت سائدة في تلك الفترة كصناعة الأسلحة والسفن ..الخ
وتطورت معها المعرفة الجغرافية والفلكية وتقنيات الملاحة ..
لم تكن الفروق بين الدول الأوروبية وبقية العالم كبيرة في تلك
الفترة .. ولكن من خلال آثار حركة النهضة اكتسبت هذه الدول ميزة
تفوّق تمكنت من استغلالها في تعظيم الفارق لاحقاً .
حركة الاستكشاف
نتيجة للتنافس بين دول غرب أوروبا وهو تنافس كان قائماً بين
السلطات الحاكمة لهذه الدول على الثروة والقوة بدأ ما يعرف بين
المؤرخين بحركة الاستكشاف ..
وهي حركة خرجت فيها كل دولة من دول غرب أوروبا خارج القارة بحثاً
عن أراضي جديدة ..
بحثاً عن الذهب والفضة والثروات الأخرى التي ستمكنّها من الانتصار
في الحروب التي لا تنتهي بين بعضها البعض .
بدأت بهذه الاستكشافات أسبانيا والبرتغال ثم تلاهما فوراً بريطانيا
وفرنسا وهولندا ..
وقد كان سباقاً محتدماً !
نجحت هذه الحركة باكتشاف قارات جديدة لم يعلم عنها احد من قبل
كأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا .
وقد اعتبرت هذه القارات ملك لمن اكتشفها على الرغم من سكانها
الأصليين !
وبسبب الميزة التي كان لدى هذه الدول في تقدم أسلحتها وتقنياتها
تمكنت من السيطرة على هذه المناطق الشاسعة بالقوة ..
حيث حدثت مجازر مروّعة أبيدت بها شعوب بأكملها تعيش منذ قرون بعيدة
في هذه القارات ..
وبفعل هذه القوة تم الاستيلاء على قارات وأقاليم شاسعة في أفريقيا
والشرق الأوسط .. واستعبدت أمم بأسرها وخصوصاً في أفريقيا .
بفعل كل هذا الاستيلاء والاستحواذ تمكنت هذه الدول من نهب ثروات
هائلة من الذهب والفضة و المنتجات الزراعية وغيرها ..
كل هذه الثروات أعطت هذه الدول قوة كبيرة استثمرتها في مزيد من
السيطرة والنهب ..
وبفعل حركات الاستكشاف تم اكتشاف طرق بحرية جديدة مكّنت هذه الدول
من الوصول إلى أماكن لم تكن قادرة على الوصول إليها من قبل .. إلى
الهند والصين واليابان
وشرق آسيا ..
مستخدمة قوتها العسكرية وثرواتها المنهوبة من الذهب والفضة تمكنت
هذه الدول من التجارة مع هذه الدول بشروط كانت تُفرض عليها بالقوة
وتكون دائماً في مصلحتها هي ..
لقد كانت الأسواق تُفتح بالقوة من أجل هذه المتاجرة !
نتيجة لذلك تمتعت هذه الدول بثروات هائلة خلال قرنين من حركات
الاستكشاف منحتها قوة وسيطرة على العالم بأسره .
وكثيراً ما كانت تتصارع السلطات الحاكمة في هذه الدول الأوروبية
وتدخل في حروب دامية مع بعضها البعض للاستحواذ على الأراضي
والثروات .
ولأسباب تتعلق بالظروف الداخلية لكل دولة تمكّنت كل من بريطانيا
وفرنسا من الانتصار في هذه الحروب وأصبحتا إمبراطوريتان تسيطران
على أغلب مناطق العالم .
لقد أدى ذلك لربط دول العالم بعضها بالبعض وسيطرة النموذج الأوروبي
في الإنتاج والتجارة والثقافة .
الثورات الأوروبية
أثناء فترة الاستكشاف التي امتدت بزخم شديد على مدى قرنين تواصلت
حركة التقدم العلمي والثقافي في دول غرب أوروبا ..
وقد كانت الثروات الطائلة التي نهبتها هذه الدول تقع في أغلبها في
يد الطبقة الحاكمة من ملوك و أمراء وأتباعهم وقد كانوا يعيشون
بفضلها في حالة من الترف الفاحش تاركو بقية أفراد الشعب في حالة
مزرية من الفقر والتخلف .
وقد كانت الحروب التي تنشأ بين الدول الأوروبية تقع على عاتق أفراد
الشعب وتتسبب لهم بالموت والمرض والمزيد من الفقر.
بسبب هذه المعاناة ونتيجة لارتفاع وعي أفراد الشعب بفضل الثورة
الثقافية والعلمية قامت عدة ثورات شعبية بالغة الأهمية في هذه
الدول كالثورة الإنجليزية والثورة الفرنسية وثورات الربيع
الأوروبية .
كان من نتيجة هذه الثورات أن انتزعت أغلبية الشعب تدريجياً الكثير
من الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية ..
حيث طالبت الفئات الشعبية في حقها بالتشريع و الرقابة و تعيين
الحكام وفي حقها في التجارة والاستثمار ..
وقد تمكّنت من انتزاع هذه الحقوق بعد أن كانت مقصورة على الملوك
والأمراء والسلطة الحاكمة .
أدت هذه الحقوق المكتسبة لتوزيع أكثر عدلاً للثروة داخل هذه الدول
مما أدى لإثراء فئات أكبر من الشعب .
استغلت هذه الفئات التي اغتنت حديثاً والتي أصبحت تعرف بالطبقة
الوسطى من سيطرة دولها على بقية دول العالم ووسعت من ثروتها بتنشيط
المتاجرة في كافة أشكال البضائع والخدمات مما زاد من ثروتها
وسلطتها داخل دولها .
الثورة الصناعية
نتيجة للتقدم العلمي السريع حدثت في تلك الفترة في دول غرب أوروبا
اكتشافات بالغة الأهمية كالمحرك البخاري
وطرق جديدة وأكثر كفاءة في استخراج الحديد والفحم ..الخ
وبسبب الثروات التي توافرت مع فئات التجار والوسطاء من الطبقة
الوسطى من الشعب وبفضل هذه الاكتشافات بدأ ما يعرف بالثورة
الصناعية .
لكل ذلك حدثت في دول غرب أوروبا ثورة هائلة في الصناعة وقد بدأت
هذه الثورة في الأساس في بريطانيا لأسباب تتعلق بتوفر كميات هائلة
من الفحم فيها ولأسباب كثيرة أخرى ..
حيث بدأ إنتاج السلع يقوم على أساس التصنيع الآلي بدلاً من اليدوي
بتقنيات و آليات أكثر كفاءة و أغزر إنتاجية .. وحتى الإنتاج
الزراعي تحول تدريجياً لاستخدام المكائن .
وقد أدت الحاجة الماسة للابتكار والإنتاج الكفء إلى ثورة هائلة في
الاكتشافات العلمية والاختراعات مازلنا نستفيد منها حتى اليوم
لقد أعطت الثورة الصناعية لطبقة التجار والمستثمرين وأصحاب الأعمال
ميزة هائلة في المتاجرة مع الدول الأخرى .. فلم يكن أحد يستطيع
منافسة منتجاتهم لا من حيث الجودة ولا من حيث السعر .
سرعان ما تمددت هذه الثورة الصناعية في بداياتها
لتشمل دول غرب أوروبا
الأخرى .
وقد ارتفعت بشدة السطوة السياسية
لطبقة أصحاب الأعمال والمستثمرين والتجار بسبب القوة
الاقتصادية التي منحتهم إياها الثورة الصناعية وأصبحت هذه الطبقة
هي صاحبة الكلمة الأولى في القرار السياسي الداخلي والخارجي لدولها
.
ونتيجة للقوة الاقتصادية وللتقدم العلمي الذي وصلت إليه الدول
الغربية تمكنت بسهولة من السيطرة على كل قارات العالم بغرض فتح
أسواق جديدة لبيع منتجاتها و استغلال مواردها الطبيعية .
نشأ النظام الرأسمالي كما نعرفه الآن تدريجياً في هذه الدول وتبلور
تماماً نتيجة للثورة الصناعية .
الاستعمار
كما ذكرنا فحركات النهضة أعطت دول غرب أوروبا دفعة مكنتها من
التفوق جزئياً على بقية دول العالم الأمر الذي مكنّها من
السيطرة على مناطق شاسعة من العالم سواء كان ذلك بالاستحواذ الكامل
على هذه المناطق أو بالتأثير السياسي على مناطق أخرى وفرض شروط
تكون لمصلحتها ..
الثورة الصناعية التي حدثت في هذه البلدان وسّعت بشدة الفارق بين
دول غرب أوروبا وبقية دول العالم ..
لقد أصبحت الدول الغربية هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير
مصير بقية دول العالم .
من خلال الاستعمار المباشر وغير المباشر للدول التي وقعت تحت سلطة
الدول الغربية تم إملاء قرارات سياسية واقتصادية على حكام وشعوب
هذه المناطق تكون دائماً في صالح الدول الغربية .
الهدف من كل هذه الإملاءات هو تحويل مناطق النفوذ لجعلها مجرد
مناطق مصدّره للموارد الطبيعية الموجودة فيها وفي نفس الوقت سوق
للمنتجات التي تنتجها الدول المسيطرة .
أدى ذلك إلى تحويل الدول المستَعمرة إلى مجرد تابع لهذه الدول
الغربية وبالخصوص فرنسا وبريطانيا .
لكل دولة غربية منطقة نفوذ خاصة بها !
وقد كانت هذه الدول تتحارب فيما بينها على مناطق النفوذ هذه ..
الحروب بين الدول الغربية بما فيها الحرب العالمية الأولى
والثانية هي حروب على مناطق النفوذ .
محاولات الأمم المتضررة وحركات التحرر
أدت الهزيمة و الإذلال التي تعرضت لها مناطق النفوذ إلى إشعال
حركات للنهضة والصحوة فيها .
هي حركات نهضة شبيه بحركة النهضة التي بدأت في أوروبا منذ قرون ..
هي حركة ثقافية وسياسية هدفها فهم الأسباب التي أدت لضعف هذه الأمم
وهزيمتها أمام الدول الغربية .. وأسباب قوة الغرب .
لقد فرضت هذه الهزائم مراجعة فكرية وسياسية وثقافية واجتماعية لكل
المبادئ التي كانت سائدة في الدول المنهزمة وإشعال إرادة ورغبة
حقيقة للتغيير و النهوض ومقاومة المحتل .
نتيجة لحركات النهضة هذه والتي أخذت أشكال كثيرة في مناطق مختلفة
من العالم ومنها عالمنا العربي برزت بحدة على الساحة الدولية
والسياسية ما يعرف بين المؤرخين بحركات التحرر ومقاومة الاستعمار
وتمكنت هذه الدول من الخلاص من السيطرة المباشرة للدول الغربية
عليها .
بالإضافة إلى دول أخرى قررت الانعزال عن بقية العالم وبناء نموذج
تنموي مستقل في الدول الاشتراكية .. بدأت في روسيا وتمددت بعد ذلك
في أوروبا الشرقية ودول أخرى .
كما ذكرنا فإن حركة النهضة في أوروبا أدت إلى توليد سلسلة من
الأحداث أدت في النهاية إلى الثورات الصناعية ونشوء النظام
الرأسمالي كما نعرفه ..
ولكن لم تحدث نفس النتيجة في دول التحرر ..
لماذا؟
لأن وجود الدول الغربية نفسه منع ذلك .
ما حدث في أوروبا من تسلسل تاريخي كان وبالمقام الأول ناتج عن
العوامل الداخلية لهذه الدول ..
أما الآن وبعد أن أصبحت دول غرب أوروبا دولاً قوية ومسيطرة على
بقية دول العالم فقد أصبحت هي عامل خارجي بالغ القوة والتأثير
في منع ما حدث في أوروبا من أن يتكرر في الدول المستقلة الجديدة .
فأول ما سيفعله المسيطر هو منع أي إمكانية لمنافسته على السيطرة .
لقد أدى النفوذ الغربي إلى ربط دول التحرر بها ربطاً عضويا من خلال
التأثير العميق الذي أحدثته في تركيبة هذه الدول الاقتصادية
والسياسية لتحويلها
لمجرد تابع لها .
تقدم الدول الغربية والتبعية .
أثناء حركات الاستكشاف وما بعدها من أحداث كانت الصناعة ونمط
الإنتاج الرأسمالي داخل كل دولة من الدول الغربية في حالة انتشار
وازدهار وتطور مستمر وسريع .
وقد أعطى استعمار الدول الغربية لدول أخرى أكبر وأغنى منها في
الموارد الطبيعية دفعات هائلة لمزيد
من التطور الصناعي ومزيد من التطور العلمي والتقني الذي يتطلبه
التطور الصناعي .
لقد أصبح لأصحاب الأعمال في هذه الدول الغربية أسواق أكبر بكثير
ومليارات المستهلكين الجدد لمنتجاتهم ومصدر لا ينضب للموارد
الطبيعية التي كانت تُستخرج من الدول المستعَمرة وتُصدر للدول
المسيطرة بأرخص الأثمان .
كل ذلك أدى لازدهار هائل في المجتمعات الغربية وعلى مختلف مناحي
الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية .. الخ
لقد ذكرنا أن النظام القائم على الربح سيؤدي بحُكم آلياته إلى
إفقار المزيد من السكان ولكن هذا لم يحدث داخل الدول الغربية
!
فقد ازدهر كل أفراد المجتمع الغربي ..
وقد ارتفع مستوى المعيشة ارتفاعاً هائلاً وقد شمل ذلك أغلبية
السكان في الدول الغربية ..
وقد شمل التقدم كافة مجالات الحياة في هذه الدول ..
السياسية .. أصبح لأغلبية السكان حقوق أكبر في تحديد القرار
السياسي وتعيين القادة من خلال النظام الديمقراطي والذي ازدهر بشدة
في هذه الدول خلال نفس الفترة نتيجة لارتفاع مستوى الوعي ومستوى
المعيشة وتمتع كل أفراد المجتمع بهذه الحقوق .
الثقافية .. حدث انفجار هائل في المعرفة العلمية والفكرية والنشاط
الفني والإبداعي وغيرها من المجالات .
باختصار لقد استفادت المجتمعات الغربية من كل منافع النظام التي
تحدثنا عنها مما أدى لمزيد من الثقة فيه وجعله نموذج يحتذي به كل
الأمم الأخرى .
فلماذا إذاً لم يحدث داخل المجتمعات الغربية الإفقار الذي تحتمه
آلية هذا النظام ؟
لأن النظام الرأسمالي كان ما يزال في بداية نشوءه وفي مرحلة
عنفوانه وانتشاره .
الانتشار الذي حدث نتيجة لاستعمار الدول الأخرى فتح مزيد من
الأسواق كما ذكرنا أمام الصناعات الغربية .. لم يكن هناك تسريح
للعمال لأن هناك طلب هائل على السلع الغربية والتي يستهلكها سكان
الدول المستَعمرة ..
بالعكس كان هناك مزيد من الطلب على الإنتاج ومزيد من الأرباح
والتطوير لهذه الصناعات .
لقد أدت هذه الأرباح الهائلة الناتجة عن المتاجرة مع الدول
المستَعمرة لأن ترفع من مستوى التوظيف ومستوى المعيشة لأغلب أفراد
المجتمع داخل الدول الغربية .
لقد حدث الإفقار ..
ولكنه لم يحدث داخل الدول الغربية بل حدث على حساب أفراد المجتمع
في الدول المستَعمرة !
لقد تم إفقار أمم بأسرها ..
تم ذلك من خلال التبعية التي فرضتها الدول الغربية على الدول
المستَعمرة لها ومن خلال السياسات الاقتصادية التي فرضتها عليها
والتي فحواها يقوم على فرض النموذج الغربي في الإنتاج .. فتح
الأسواق للسلع القادمة من الغرب .. منع أي شكل من أشكال الحماية
للصناعات المحلية الناشئة .. حرية التجارة ونقل رؤوس الأموال ..الخ
بمعنى آخر فرضت الدول الغربية على الدول المستَعمرة إجراءات جعلت
من هذه الدول مجرد أقاليم تابعة لها اقتصادياً .
لقد أدخلت الدول الغربية النموذج الرأسمالي في الإنتاج للدول
التابعة وهو نموذج قائم على الإنتاج من خلال التنافس على الربح وهو
نفس النموذج الذي تشكل في الدول الغربية نفسها عند بداية نشوء
النظام الاجتماعي ..
فلماذا لم يؤدي ذلك لثورة في الصناعة والزراعة والعلوم وكافة
مجالات الحياة في هذه الدول التابعة كما حدث في أوروبا ؟
لماذا لم تتقدم الدول التابعة كما تقدمت الدول الغربية على الرغم
من إتباعها لنفس النظام ؟
لأن كما ذكرنا وجود الدول الغربية منع ذلك ..
فعندما نشأ النظام في الدول الغربية كانت هي الدول الأولى التي
بدأت به للأسباب التاريخية التي ذكرناها ..
لم يكن هناك من ينافسها ..
أما الآن وبعد تقدُم الغرب وفرض هيمنته على الدول الأخرى اللحاق
أصبح الغرب هو المنافس القادر على سحق كل من يحاول اللحاق به ..
وقد ضمنت الدول الغربية سيطرتها في المنافسة من خلال السياسات التي
فرضتها على الدول التابعة لها .
لقد فرضت الدول الغربية هذه السياسات على الدول التابعة لأنها تعلم
إنها لن تتمكن من التغلب في المنافسة مع صناعاتها المتقدمة .
هو أمر أشبه بالسماح في المنافسة بين الفيل و النملة !
فمثلاً يمكن لأي أحد أن ينتج وينشئ صناعات داخل الدول المستَعمرة
.. لا يوجد مانع .
ولكن كيف يمكن لهذه الصناعات الناشئة أن تنافس في سعرها وجودتها
وإمكاناتها الصناعات المتقدمة للدول الغربية ؟
كيف يمكن لهذه الصناعات الناشئة أن تحصل على فرصة للتطور وهناك ما
هو أفضل منها وأكثر كفاءة ينافسها ؟
لا يمكن ذلك إلا إذا وجدت هذه الصناعات الناشئة شيء من الحماية
والدعم يسمح لها بالتطور ...
لا يمكن للدول التابعة أن تتقدم كما تقدم الغرب إلا إذا اتخذت
إجراءات تمكنّها من أن تستفيد هي من هذه الصناعات ..
وقد كان ذلك محرم تحريماً مطلقاً !
لم يكن يسمح للدول المستعمرة من إغلاق حدودها أو الحد من تدفق
السلع من الدول الغربية أو وضع شروط وإجراءات تسمح لها بتطوير
صناعاتها وإنتاجها .
حتى بعد انتصار حركات التحرر الوطني وانتهاء الاستعمار المباشر لم
يكن يسمح إطلاقاً لأي دولة من خلق الشروط المناسبة لتطوير صناعاتها
.
لم يكن يُسمح لأي دولة أن تُكرر أسباب التطور الذي حدثت داخل الدول
الغربية قبل ثلاث قرون !
وقد أصبحت هذه الدول بذلك مجرد تابعة وأصبحت هذه التبعية
محمية من قبل أنظمة الحكم التي تحكم الدول المستقلة والتي ترتبط
مصالحها باستمرار هذه التبعية .
أما الدول التي رفضت هذه التبعية وحاولت أن تخط لنفسها طريقاً
مستقلاً في التنمية يكون لصالحها هي كما حدث في بعض دول آسيا
وأفريقيا وأمريكا الجنوبية فقد حوربت هذه الدول بشدة وقسوة ..
بحروب معلنة.. وحروب سرية.. وحروب قذرة وقد تم استخدام كل السبل
والوسائل دون محرمات مما أدى في النهاية لتحطيمها وإعادتها لعصا
الطاعة !
وكذلك الدول التي أخذت النموذج الانعزالي الاشتراكي والتي حاولت
إغلاق أسواقها وإحداث تنمية تكون لمصلحتها هي ، حوربت بشدة
وبمختلف الطرق حتى تم تحطيم هذه المنظومة أيضاً .
وبسبب هذه التبعية وبفضلها تمكنت الدول الغربية من الاستفادة من
منافع النظام داخل دولها ومن نقل مضار النظام للدول التابعة لها
!
وقد نجحت في ذلك خلال القرون الماضية لأن النظام الرأسمالي كان ما
يزال في مرحلة انتشاره وعنفوانه .
ولكنها لن تتمكن من ذلك إلى الأبد !
فإن انتشار النظام الرأسمالي ليشمل العالم بأسره كما سنوضح
سيؤدي حتماً إلى ظهور مضار النظام ليشمل العالم بأسره .. بما
فيه الدول الغربية .
انتشار النظام والعولمة
كما ذكرنا فإن النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم على الإنتاج على
أساس الربح نشأ في الأساس في منطقة معينة وهي أوروبا الغربية ..
نتيجة كل ما تلى ذلك من أحداث تاريخية هو انتشار هذا النموذج في كل
أنحاء العالم .
إن من المهم أن يفهم القارئ هنا إن العرض التاريخي الموجز الذي
ذكرناه عن كيفية نشوء النظام الرأسمالي وانتشاره لم نقصد به أن
يكون إدانة لما حدث ..
بل هو مجرد عرض لكيفية حدوث ذلك بالفعل.
نحن هنا لا نتحدث عن هذا النظام وانتشاره على أساس أخلاقي ..
نحن نتحدث عنه على أساس عملي بحت ..
يهمنا أن نفهم كيف نشأ هذا النظام .. كيف انتشر ..كيف يعمل .. وما
يترتب عنه .
لقد تحدثنا في الموضوع السابق عن النظام الاجتماعي القائم على
الإنتاج على أساس الربح بالتركيز على آليات عمله و الآثار المترتبة
حتماً عنه بافتراض أن العالم كله هو عبارة عن دولة واحدة ..
ولكن الواقع التاريخي هو أن هذا النظام قد نشأ في منطقة واحدة في
العالم ثم انتشر تدريجياً خلال قرنين من الزمن ليشمل بقية العالم .
لقد أشرنا أعلاه وبإيجاز شديد لكيفية حدوث ذلك وهدفنا من هذا
الإيجاز هو تركيز ذهن القارئ على الصورة الكبرى للأحداث التاريخية
وما نتج عنها .. وهو نشوء نظامنا الاجتماعي وكيفية انتشاره
بالفعل .
العالم الذي نعيشه الآن بفعل هذا الانتشار والترابط الشديد بين
أقاليمه وبفعل المعاهدات والاتفاقيات الدولية كمنظمة التجارة الحرة
والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المنظمات
جمعت العالم كله في
وحدة اقتصادية واحدة .. في نظام اجتماعي واحد .
كل ما سبق من أحداث تاريخية أدى لهذه النتيجة ..
هذه النتيجة هي توحيد العالم كله في نظام اجتماعي واحد .. هو
النظام القائم على الربح .
وهو نظام اجتماعي أصبح متجذراً بشده لدرجة أن لا أحد يفكر بإمكانية
وجود بديل على الرغم من معاناة أغلبية البشر من آثاره السلبية .
من المهم أن يفهم القارئ هو إن انتشار النظام الرأسمالي في بقية
دول العالم هو أمر لا يأتي في أساسه نتيجة لرغبة أحد .
إن انتشار النظام الرأسمالي أمر تفرضه طبيعة النظام نفسه .
التنافس على الربح نفسه يفرض انتشار النظام الرأسمالي .
فالمراكز الإنتاجية التي تتنافس في الدول الغربية لكي تتمكن من
الانتصار في هذه المنافسة عليها دوماً البحث عن أسواق جديدة .. عن
مصادر رخيصة للموارد الطبيعية .. عن مستهلكين جدد ..
من يتقاعس عن فعل ذلك لأي سبب سيُهزم أمام المنافسين الذين لن
يتقاعسوا .
وقد تقاعست فعلاً لأسباب كثيرة دول مثل أسبانيا و البرتغال وتم
بذلك إخراجها من دول لم تتقاعس كبريطانيا وفرنسا .
وهكذا فرضت آليات النظام الاجتماعي الرأسمالي انتشاره في مختلف
أنحاء العالم ..
الآن .. وبعد أن زالت كل الأسباب التي منعت انتشار هذا النظام
أصبحت هناك قصة أخرى !
لقد استخدمت المراكز الإنتاجية والشركات العملاقة والتي كانت تزداد
ضخامة الدول الغربية لفرض النظام على بقية العالم .
فقد تمكنت الشركات العملاقة أثناء كل الأحداث التي ذكرناها من
السيطرة على القرار السياسي للدول الغربية ومن خلال هذه الدول
تمكنت من فرض النظام الاجتماعي على بقية العالم ..
استفادت الدول الغربية كمجتمعات من ذلك أيضاً..
فقد تمكنت من الاستفادة من النظام الاقتصادي داخلها ليشمل أغلب
سكانها و من نقل عيوب النظام إلى خارج دولها بإفقار الدول والشعوب
التابعة لها .
ولكن ذلك لن يستمر .. لماذا ؟
لأن الشركات العملاقة أصبح لديها العالم كله يمكنها العمل فيه ..
نتيجة للمنافسة بين هذه الشركات العملاقة وحاجتها الحتمية لتخفيض
تكاليف الإنتاج بدأت هذه الشركات الآن باستغلال الظروف التي حققتها
ومهدت لها الدول الغربية والتي جعلت العالم كله يعمل من خلال نظام
اجتماعي واحد .
وذلك بأنها بدأت بنقل المراكز الإنتاجية من داخل الدول الغربية إلى
الدول الأخرى التي تم إفقارها وتحويلها لدول تابعة !
لماذا تفعل الشركات العملاقة ذلك ؟
لأنها بذلك تتمكن من تخفيض تكاليف الإنتاج أكثر وبالتالي من تحقيق
أرباح أكبر .
كيف يحدث ذلك ؟
يحدث ذلك بأن الشركات العملاقة كان أساس عملها يتم داخل الدول
الغربية وبتوظيف وعمل سكان الدول الغربية ..
وكما ذكرنا فقد استفاد أفراد هذه الدول من الظروف التي كانت سائدة
من قبل مما أدى لرفع مستوى المعيشة لأغلبية السكان ومن تمتعهم
بالكثير من المزايا الاجتماعية .. العلاج المجاني .. التعليم
المجاني .. الخدمات المتقدمة ..الخ
إن كل ذلك يتطلب تكلفة عالية ورواتب مرتفعة تدفعها الشركات
العملاقة لموظفيها والعاملين لديها من أبناء الدول المتقدمة ..
وإلى ضرائب مرتفعه تدفعها هذه الشركات للدول التي تعمل بها .
وقد كانت الشركات العملاقة تدفع كل هذه التكاليف مُجبرة لأن الظروف
لم تكن تسمح بوجود بديل آخر .
أما الآن وبعد انتشار النظام الرأسمالي في العالم بأسره وبعد أن
أصبحت كل الدول الأخرى تتسابق على فتح حدودها وإغراء الشركات
والمستثمرين للدخول والإنتاج فيها وبعد توفر كل الشروط السياسية
والاقتصادية والقانونية ..
وبعد أن أصبح بإمكان الشركات العملاقة الإنتاج في أي مكان في
العالم ومن نقل أرباحها ورساميلها لأي مكان في العالم دون قيود ..
وبعد تطور وسائل الاتصال والنقل التي جعلت من العالم دولة واحدة ..
وبعد كل الاتفاقيات الدولية التي تفرض حرية الإنتاج والتجارة
والاستثمار ونقل رؤوس الأموال .. الخ
أصبح لهذه الشركات العملاقة كل ما تحتاجه لكي تنقل مراكز الإنتاج
خارج الدول الغربية مستفيدة من فقر سكان الدول التابعة ومن قلة
الأجور التي عليها دفعها لهم ومن قلة الضرائب بل وانعدامها أحياناً
.
وبذلك تستطيع من تخفيض أكبر لتكاليف الإنتاج ومن توفير الشروط
للفوز في المنافسة مع
الشركات الأخرى .
وبذلك يمكننا القول أن الشركات العملاقة تخون بذلك الدول الغربية
التي مهدت لها الطريق !
وفي الوقت الحالي فإن هذا ما يحدث فعلاً ..
والأزمات الاقتصادية العميقة التي تحدث في الدول الغربية والدول
الرأسمالية المتقدمة كاليابان والولايات المتحدة وأوروبا نتيجة
لذلك ..
لم تعد الظروف في الدول المتقدمة كما كان الأمر بالسابق ..
فالشركات العملاقة لم تعد على استعداد لتمويل المستوى المعيشي
العالي الذي تمتع به أفراد المجتمع الغربي لقرن من الزمان !
لماذا تفعل ذلك وهي قادرة الآن على الإنتاج بتكلفة أقل في الدول
الفقيرة ؟
إن من المهم أن يتذكر القارئ إن هذه النتيجة هي أمر تفرضه طبيعة
النظام الاقتصادي نفسه ..
لا يمكن للشركات العملاقة إلا أن تفعل ذلك ..
من يتقاعس منها عن البحث عن أي مكان لتقليص تكاليف الإنتاج سيتم
هزمه في المنافسة من قبل الشركات التي لن تتقاعس .
هي مسألة حياة أو موت ..
إما أن تأكل وإما أن تؤكل !
ونتيجة لهذه الحرب التي لا ترحم تضطر الشركات العملاقة على إنشاء
ونقل مراكز الإنتاج لدول أخرى .
هذا ما يحدث فعلياً في عالمنا الآن .
نحن في هذا العصر قد وصلنا لمرحلة انتشار النظام ووصوله لتخوم
حدوده القصوى .
وصول النظام الاجتماعي إلى مشارف حدوده القصوى .
لقد أوضحنا في المواضيع السابقة كيف نشأ النظام الاجتماعي الحالي
في منطقة محددة من العالم وكيف أدت الأحداث التاريخية التي تلت
نشوءه إلى انتشاره في كافة أنحاء العالم .
لقد نشأ هذا النظام في غرب أوروبا قبل ثلاث قرون تقريباً ونمى
تدريجياً كما ينمو الإنسان في مرحلة الطفولة ..
حيث بدأ كمراكز إنتاجية صغيرة هنا وهناك في الدول الغربية ..
بفعل كفاءتها الإنتاجية بدأت هذه المراكز بالنمو التدريجي إلى أن
أصبحت هي المهيمنة على مجمل النشاط الاقتصادي للدول الغربية .
ونتيجة لذلك أصبح هذا النظام الاقتصادي هو المهيمن على مجمل الدول
الغربية وهو المحرك لسياساتها الخارجية والداخلية
.. والقوة الاقتصادية الهائلة التي منحها هذا النظام للدول الغربية
هو الذي مكنها من السيطرة والهيمنة على مجمل دول العالم .
وقد استفادت كما ذكرنا المجتمعات الغربية من كل منافع النظام
وتمكنت من نقل مضاره إلى الدول التابعة ..
كل ذلك حدث لأن النظام الاجتماعي الرأسمالي كان في تلك المرحلة في
حالة عنفوانه وشبابه وانتشاره .
ولهذا لم يكن أحد قادر على ملاحظة عيوب النظام وآثاره الحتمية التي
تفرض بحكم طبيعتها مزيد من الإفقار لمزيد من البشر .
فالإفقار الذي حدث للدول التابعة والذي هو متواصل حتى الآن لم يكن
يُعزى لطبيعة النظام بل لأسباب أخرى كثيرة لا علاقة لها بالسبب
الحقيقي .
فمثلاً قد كان يروَج بأن النجاح والتقدم الذي حصل لهذه الدول
الغربية هو نتيجة لطبيعة شعوبها ..
فالشعوب الغربية بطبيعتها الوراثية تمتاز بالذكاء والعبقرية
والطموح والنشاط ..
وبالتالي فإن فقر وتخلف الدول التابعة كان يفسَر نتيجة لطبيعة
شعوبها التي تتسم بالغباء والكسل والخنوع ..
هكذا كان يقول الكثيرون .. ومازال البعض يقول ذلك حتى الآن .
وهذا هراء !
وهو نتيجة للجهل بطبيعة النظام الاجتماعي وآليات عمله .
وهو فهم غير صحيح لا يتطابق مع ما حدث فعلا في التاريخ ..
فلو كان السبب في التقدم هو ذكاء وعبقرية شعوب أوروبا .. فلماذا
ظهرت الحضارة في مناطق أخرى من العالم ؟
فالحضارة نشأت في الشرق الأوسط والهند والصين .. فلماذا لم تنشأ في
أوروبا على يد هؤلاء العباقرة ؟!
في مرحلة من التاريخ كانت شعوب أوروبا تعتبر مجموعة من البرابرة
والهمج .. فأين كانت هذه العبقرية ؟!
إن كفاءة و قدرات شعوب أوروبا لا تزيد ولا تقل عن أي شعب أو أمة
أخرى !
السبب في التقدم الذي حدث في غرب أوروبا هو توفر الظروف المناسبة
التي أدت لظهور النظام الاجتماعي الرأسمالي واستفادة هذه الشعوب من
مرحلة الشباب والعنفوان لهذا النظام .
أما الآن وفي العصر الحالي الذي نعيش فيه لم يعد الأمر كذلك .
لم يعد النظام الرأسمالي والنظام الاجتماعي القائم على الربح في
مرحلة الشباب حيث كان مازال أمامه الكثير لفعله وإنجازه بالتمدد
والانتشار والمزيد من التطوير في الصناعة وأساليب الإنتاج .
لقد بدأ هذا النظام في الوصول لحدوده القصوى ..
فماذا نعني بذلك ؟
نعني بذلك أن النظام وصل لحدود أقصى درجة في التوسع والانتشار ..
لقد انتشر هذا النظام الآن في كل أنحاء العالم .. لم يعد هناك من
مكان آخر لينتشر فيه !
لقد وصل النظام لهذا المرحلة خلال العقدين الأخيرين منذ تحطيم
المنظومة الاشتراكية وإتمام إخضاع كافة الدول الأخرى .
ماذا سيترتب على ذلك؟
سيترتب على ذلك أن يصبح العالم كله وحدة واحدة متجانسة تعمل على
أساس نظام اجتماعي واحد .
لن ينجو بعد الآن أحد من آثار النظام .. لا الدول التابعة ولا
الدول الغربية
بمعنى أن العالم الآن يصبح كدولة واحدة .
وهنا ستبدأ الآثار والنتائج الحتمية التي تحدثنا عنها في الموضوع
السابق لتعم العالم بأسره .
جميع شعوب العالم .. دول وأفراد ستصبح خاضعة لآليات النظام
الاجتماعي والتي تفرض بحكم طبيعتها المزيد من الإفقار للمزيد من
فئات البشر .
النظام الاجتماعي يفرض بفعل آلياته شروطه على الجميع ..
على الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة .. وعلى الشركات العملاقة
..
وهو يفرض شروطه على كل أفراد المجتمع ..
وهو يفرض شروطه على الدول والحكومات ..
وبناءاً على هذه الشروط يعمل الجميع ولا يستطيع أحد أن يتقاعس .
هي لعبة .. والنظام الاجتماعي يفرض قواعد هذه اللعبة ..
ولا يمكن لأحد أن يتوقف عن اللعب ..
من يتوقف .. يموت .
وسنوضح ذلك في الموضوع التالي..
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |