" عندما يستعد الطالب .. سيظهر المُعلّم " هيرمس |
على الصِراط
في تقنيات الممارسة ومخاطرها وأعراضها
مقدمة
كما يعلم القارئ المهتم بموقع نور الشمس وخصوصاً القسم المتعلق
بالحكمة ومعناها والتي جمعناه في رسالة الخروج إلى الداخل ..إن كل
الرسالة ليست أكثر من
مقدمة ترشد الإنسان الذي وصل إلى مرحلة النضج أو قارب الوصول إليها
إلى طريق الحكمة المتمثل بمعرفة الواقع كما هو وإزالة الحجب التي
تمنع من مشاهدة الواقع الفعلي
.
لقد شرحنا في رسالة الخروج إلى الداخل بشيء من التفصيل ما هي هذه
الحجب .. وقلنا إنها طبقات الوعي التي تتراكم في وعي الإنسان ويتم زرعها فيه منذ ولادته.. من خلال هذه الطبقات يدرك الإنسان الواقع المحيط به والذي يظهر أمامنا نسمي ذلك .. الحياة .. الدنيا وما تحتويه .
يعيش الإنسان في هذا الواقع وهو يظن أن ما يشاهده ويختبره هو
الواقع .. هو كل شيء ..
تماماً كمن ولد في جزيرة يحيط البحر فيها من كل جانب يتربى هذا
المرء في هذه الجزيرة ويكون جل اهتمامه بما فيها وبكيفية تدبر
معاشه وأموره فيها وهو حتى لا يفكر مجرد التفكير بالسؤال هل يوجد
شيء خارج الجزيرة أم لا ؟
وحتى إن فكر لسبب ما ..
فبنظره سريعة باتجاه البحر
المحيط بكل جوانب الجزيرة وبأبعد من مد النظر فهو يصل للاستنتاج
بأنه لا يوجد سوى جزيرته هذه وأن العالم كله يتمثل بجزيرته وكل ما
عليه هو الاكتراث لما فيها
.
الشبكة المتفاعلة أو الماتريكس هي تماماً كهذه الجزيرة ..
يعيش كل من فيها داخلها ويظنون أنها هي كل الوجود ولا يوجد شيء
خارجها ..
باستثناء من وصل لمستوى النضج والذي يجد داخل ذاته أن هناك شيء ما
خاطئ في هذا الظن وأنه لا يمكن أن يكون هذا كل شيء
..
يسعى هذا الإنسان للبحث والمعرفة ويقوده بحثه للدين والفلسفة
والعلوم لعله يجد إجابة عما يعتمل داخله من حيرة
.
وفي نفس الوقت يعاني هذا المرء نتيجة للاختلاف الذي يجده بين
نفسه وبين أغلب المحيطين به الذين لا يكترثون إلا لما هو داخل
هذه الشبكة المتفاعلة
..
يجد
نفسه وحيداً حائراً
..
في غربة بين من حوله وحتى في غربة قاسية
داخله
..
والسبب في ذلك هو أن المرء الذي وصل لمرحلة النضج هو نفسه لا يعلم
ما الذي به ..
هي مجرد أحاسيس وأفكار
..
رفض واضطراب
..
سعي لشيء غامض ومحير حتى له
..
هذا هو السبب الذي يجعل من نفس من وصل لهذه المرحلة نفساً معقدة
وتبدو محيرة وغامضة للآخرين كما شرحنا في قسم أعمار الأنفس
.
تأتي الحكمة لتبين لهذا الحائر سبب حيرته واضطرابه
..
وتحدد له بوضوح الشيء الذي كان يبحث عنه دون أن يعلم ما هو
..
هذا الشيء هو الواقع الفعلي والحقيقي الذي يتجاوز الشبكة
..
الذي يتجاوز الماتريكس
.
يأتي الحكماء ليؤكدوا لهذا الحائر أنه محق في بحثه وحيرته
..
وأنه يوجد دون أدنى شك ما يتجاوز هذه الشبكة
..
توجد جزر خارج هذه الجزيرة …
وأن الواقع أوسع وأعظم بما لا يمكن وصفه أو تخيله عندما يقارن بما
يظن أغلب الناس أنه كل شيء
.
يؤكد الحكماء لهذا الحائر أنهم هم أنفسهم اطلعوا على ما هو موجود
خارج هذه الشبكة وأن الحائر نفسه يمكنه أن يطلع بنفسه على ما
شاهدوه ..
ويحث الحكماء هذا الحائر على
أن لا يعتمد على قولهم بذلك بل يطالبونه بالذهاب معهم ليشاهد ما
شاهدوه هم .
ولكي يتحقق الحائر من ذلك فعليه أن يسلك طريق الحكمة
.
وكما أوضحنا في قسم طريق الحكمة .. فطريق الحكمة يقوم على محورين
أساسيين وهما المعرفة والممارسة
..
بالمعرفة يُخبٍر الحكماء بعض مما شاهدوه خارج هذه الشبكة ..
ويصفونه بأقصى ما يستطيعون حتى
يكون الحائر مستعد ومتأهب لما سيشاهده
.
وبالممارسة يعلم الحكماء هذا
الحائر كيف يمكنه بنفسه أن يشاهد ويختبر ما ذكروه له من مشاهدات في
قسم المعرفة .
البحر وأعماقه
..
يمكن توضيح العلاقة بين الحكماء وبين هذا الحائر في بداية تعرّفه على طريق
الحكمة برجلين أحدهما حكيم والآخر حائر ..
يقفا كلاهما على شاطئ بحر واسع .. كل ما يراياه هي أمواج من الماء تمتد لما
لا نهاية ..
يظن أغلب الناس الذين يرون هذا البحر ويقفون على شاطئه أن هذا البحر لا
يحتوي إلا على مياه تتحرك أمواجها .. فقط لا غير !
وكل من يولد ويعيش بينهم يتعلم من الآخرين ذلك .. أن البحر هو ليس أكثر من
مياه وأمواج ولا يوجد شيء آخر يمكن البحث عنه .
والحائر في حيره واضطراب .. بين ما تعلمه من الآخرين وبين شعور غامض
وغريب أن هناك شيء ما يبحث عنه ولكنه لا يجده .
يقول الحكيم لهذا الحائر إن في أعماق هذا البحر عوالم لا تعد ولا تحصى ..
كائنات غريبة ومتنوعة تفوق في تنوعها وجمالها ما شاهده الحائر من
قبل ..
ويقول الحكيم لهذا الحائر أنه بنفسه
غاص في أعماق هذا البحر وشاهد بنفسه ذلك ويصف له شيء مما شاهد ..
ثم يطالب الحائر - والذي ازدادت حيرته من كل ذلك -
بان يذهب معه في رحلة
ليشاهد بنفسه ما وصفه له ..
ولكن ..
لكي يتمكن الحائر من مرافقة الحكيم في هذه الرحلة عليه
بتعلم مهارات لم يتعلمها من قبل ..
عليه ن يتعلم السباحة .. وعليه أن يتدرب على السباحة حتى يصبح سباحاً
ماهراً..
ثم بعد ذلك عليه التعلم التدريجي
للغوص في أعماق أكبر وأكبر تزداد تدريجياً ..
عليه أن يتعلم كيف يتعامل مع التنفس داخل هذه الأعماق .. وكيف يتعامل مع
الأدوات التي ستساعده للغوص في أعماق البحر ..
عليه أن يتعلم كيف يتعامل مع الأمواج القوية التي ستواجهه بمجرد أن يبدأ
بالغوص قليلا تحت السطح .. عليه أن يتعلم كيف يبحر ببراعة ويتجنب
سطوة وقوة الأمواج ..
عليه أن يتعلم تدريجياً كيفية تحمل ضغط الماء ووزنه الهائل والذي سيشعر به
كلما نزل لدرجة أعمق تحت السطح .. الخ
إن هذه المهارات لابد من تعلمها وبشكل تدريجي لأنه دون
تعلمها ودون الوصول لدرجة من الخبرة والبراعة فيها فإن الحائر الذي
يسعى للمشاهدة لن يتمكن من مواجهة الأعماق ..
ستلعب به الأمواج كدمية من قش .. وسيسحقه ضغط المياه والوزن الهائل له عند
النزول أكثر للأعماق .
إن هذه مهارات لابد من تعلمها وإلا فإن الرحلة لا يمكن أن
تتم ..
سيظل الحائر كالآخرين يقف على الشاطئ ويظن أن البحر هو هذه المياه التي
يشاهدونها ولا يوجد غيرها .
المشكلة أن الحكيم يقول ذلك للجميع ..
بعضهم لا يصدقه من الأصل .. والبعض
الآخر يصدقه ولو جزئياً ولكن هؤلاء لأنهم لم يروا بأنفسهم تعتورهم
الكثير من الشكوك فيما يقوله الحكيم عما شاهده .
ولكن المشكلة هي أن من يصدقه على غير استعداد للقيام
بتعلم المهارات التي يطالبهم بها الحكيم ..
لا يريدون تعلم شيء .. هم يريدون مشاهدة الأعماق من
مكانهم على الشاطئ !
من خلال هذا المثال يتبين لنا الأمر بكل بساطة في كل ما ذكرناه عن الحكمة
وطريقها .
ولابد أن القارئ يفهم الآن أن محور المعرفة هو ما يصفه الحكيم ومحور
الممارسة هي المهارات التي على الحائر تعلمها ليشاهد ما شاهده
الحكيم .
كيف لي أن أرى وأختبر بنفسي ؟
لقد تلقينا أسئلة من القراء المهتمين بما ذكرنا في موقعنا يسألوننا عن طريقة
الممارسة بالضبط .
ونحن نعلم تماما العلم أنهم لم يهتموا بما جاء في هذا
الموقع ولم يسألوا هذا السؤال إلا لأنهم وصلوا لمرحلة النضج أو هم
قريبين منها .
هم يشكون لنا بأننا عندما تحدثنا عن طرق الحكمة ومدارسها فقد تحدثنا بشكل
عام دون تحديد لطريقة معينة ..
يقول بعض القراء لنا بأنهم مهتمين أشد الاهتمام للسعي بالممارسة بعد أن
فهموا أهميتها ولكنهم لا يعلمون ما عليهم أن يفعلوا بالضبط !
يقولون أننا تحدثنا عن أن الممارسة
تقوم على تمارين ذهنية ونفسية تحددها مدارس الحكمة باختلاف أنواعها
وأشكالها ولكنهم لا ينتمون لأي مدرسة ولا يعلمون ما هي هذه المدارس
.. ولا يعلمون أين هي .. ولا يعلمون كيف يمكن أن ينضموا إلي أحدها
لتعلم المهارات الضرورية للممارسة الروحية التي ستؤهلهم للمشاهدة
والخبرة المباشرة ..
يقول القراء محتجين علينا أن ما ذكرناه في رسالة الخروج إلى الداخل أثار
اهتمامهم بشدة وحرك فضولهم بقوة ولكنه لم يشبعه ..
فهم حتى بعد الانتهاء منها لم يشبع فضولهم ولم يروى عطشهم من طريق بينّاه
لهم وتركناهم بعده دون دليل ولا إرشاد .. وهم غاضبون منا بسبب ذلك
!
باختصار..
فإن القراء الذين شكوا لنا يقولون بأنهم على استعداد للخوض في طريق الحكمة
ويريدون أن يعرفوا كيف سيفعلون
ذلك بالتفصيل لا بالتعميم .. بالتصريح لا بالتلميح .
ضرورة وأسباب التعميم
نعم ..
نحن نوافق القراء على اعتراضهم وأسئلتهم ونتفهمه كل الفهم ونقدره كل التقدير
.
ونعترف للقراء الذين سألونا وشكوا لنا والذين هم في هذه المرحلة أصبحوا أخوة
لنا ورفاق على طريق الحكمة بأننا تعمدنا التعميم ولهذا أسبابه التي
سنجملها بالآتي :
- أن رسالة الخروج للداخل هي مجرد مقدمة عامة كما
أوضحنا ذلك في مقدمة الرسالة ..
الغرض منها إعطاء فكرة عامة للباحث الذي اطلع على كتب الحكمة ولم يفهم منها
الأساس والهدف الذي تدور حوله هذه الكتب ولا عما تتحدث .. وبالتالي
لم يفهم ولم يقتنع بما تنادي به على أهميته ..
كتبنا هذه الرسالة لترشد هذا الباحث عن المدار العام الذي تدور حوله هذه
الكتب والهدف والغاية منها وحاولنا بهذا الشرح أن نزيل العقبات
العقلية التي ستعترض ما ذكر في هذه الكتب .. هذه العقبات هي
التي نعتقد أنها ستكون العائق الأكبر أمام هذا الباحث والتي ستمنعه
من الخوض في طريق الحكمة .
إن أي تحديد أو تفصيل لأساليب مدارس الحكمة وتقنيات الممارسة الروحية ستكون
سابقة لأوانها في نظرنا ..
وستضر هؤلاء الباحثين أكثر مما تنفعهم لذا اكتفينا بالحديث عن السمات
الأساسية للممارسة الروحية والتي لا تخلو أي مدرسة منها كالإرادة
والعزيمة .. توجيه القلب .. التركيز .. الخ
أما القراء الذين سألونا وطالبونا بالتحديد فهم في مرحلة
أعمق من هذا الباحث ..
هم لا يريدون أن يفهموا فقط بل يريدون الخوض بأنفسهم لذا تركنا لهم الأمر
ليبحثوا بأنفسهم وكتبنا هذه الرسالة
لمن يسألنا منهم لنجيبهم
بما نعرفه وبما اختبرناه
ليكون أكثر تحديداً وتفصيلاً
- إننا ظننا عند كتابتنا لرسالة الخروج إلى الداخل إن
تحديد أسماء وأنواع مدارس الحكمة وتوضيح تقنيات الممارسة الروحية
بالتفصيل قد يسبب نفور لبعض القراء الذين سيصدهم توضيح ذلك ..
سبب هذا النفور هو معتقدات خاطئة ..
ومفاهيم باطلة موجودة في عقول الكثير من الناس بحيث أنهم بمجرد
سماعهم بأسماء هذه المدارس أو تفاصيل هذه التقنيات سيسارعون بالظن
أنها تخالف المعتقدات الدينية أو إنها مجرد تقنيات فارغة أو ضارة
أو خطيرة ..
بل إن البعض قد يصل به الاعتقاد الخاطئ بأنها "طقوس" شريرة وشيطانية وكفرية
وغيرها من الاتهامات النابعة من الجهل .
لهذا السبب تركنا الأمر بشكل عام لنمنح القارئ - ومن منطلق الحرص عليه -
الفرصة ليفهم أولاً الأمر بروية وهدوء ولينفتح عقله وينجذب قلبه في
منأى عن أية أفكار مسبّقة ومعتقدات خاطئة ..
بعد أن يحدث ذلك يمكنه البحث بنفسه ..
وإن لم يتمكن من المعرفة بنفسه أو لم تكن لديه هذه الاعتقادات من الأصل
وأراد أن يتعمق أكثر فقد افترضنا أنه سيسألنا ..
عند ذلك سنجيب عليه بهذه الرسالة الخاصة بما ننصح به في حدود معرفتنا
وخبرتنا .
- نحن نؤمن أن الإنسان لا يقدم على أمر باندفاع وإصرار
إلا إن كانت الرغبة في هذا الأمر نابعة من الداخل .. من صميم ذاته
هو ..
لذا لم نرد التدخل في رغبة وميول القراء وتركنا لهم أمر البحث والتحري بما
أشرنا لهم به من مراجع ..
وإن دفعتهم هذه الرغبة وهذا الحماس لسؤالنا عن الطريق .. فسنرشدهم لهذه
الرسالة .
- إن كنا نتفق مع قراءنا بأننا تعمدنا التعميم .. فنحن لا
نتفق معهم بأننا تركناهم دون دليل وإرشاد ..
لقد أضفنا في كثير من أقسام رسالة الخروج من الداخل الكثير من المراجع من
الكتب المقدسة وكتب الحكمة وغيرها من المراجع الهامة ..
أغلب هذه المراجع تتحدث في مسائل بالغة العمق والأهمية ..
وافترضنا بأن القارئ المهتم سيراجع بعض هذه المراجع وهو من خلالها ومن خلال
بحثه الخاص – والذي يجب أن يقوم به - سيتمكن من الوصول للمدرسة
التي يجدها مناسبة له ..
ولكن يبدو أن هؤلاء القراء على عجلة من أمرهم !
ونحن نتفهم هذا الحماس .. ونعرفه تمام المعرفة .. ولهذا كتبنا هذه الرسالة
الخاصة لهم .. ومن أجلهم .
- إن بعض من هم مهتمون بهذا الموقع وما جاء فيه هم أنفسهم
يتبعون إحدى طرق الحكمة ولديهم طرق يتعلمونها من مدرستهم التي
يتبعونا ومن معلميهم ومرشديهم ..
افترضنا إن ما سيجدونه في رسالتنا ستكون مفيدة لهم بتعميق فهمهم لما
يتعلمونه وإزالة بعض العوائق العقلية أو الشكوك التي تعتريهم..
لذا آثرنا أن نحيطهم بالمجمل دون تفصيل ..
لأننا ظننا إن وضّحنا بعض الطرق التي ننصح بها سيؤدي ذلك إلى إرباكهم ووضعهم
في حالة من الحيرة بين ما ننصح به وما يتعلمونه من معلميهم
ومرشديهم وهذا بالذات الذي لا نريده ونتجنبه بكل حال .
لذا لم نرد التدخل في طريقهم والتسبب في إرباكهم الأمر الذي سيعيقهم عن
المواصلة .
- إننا من خلال هذا الموقع لا نسعى لشيء .. وليس لنا غرض
ولا مصلحة ذاتية ..
ولسنا مكترثين لإنشاء جماعات وتأسيس طرق .. لهذا فنحن لم
نكشف عن أنفسنا لأن ذلك لا
يهمنا ..
كل ما يهمنا هو المعرفة والتقدم أكثر على طريق الحكمة ..
ولم نكتب ما كتبناه إلا لمساعدة الآخرين في مواجهة عقبات واجهناها بأنفسنا
.. ومكافحة اضطراب وحيرة طالما شعرنا بها ..
ولم نكتب ما كتبنا إلا لأننا نظن أن من واجبنا فعل ذلك
وعلينا القيام به .
لهذا فإننا لا نريد أن نقول لأحد افعل ذلك ولا تفعل ذاك .. وقم بهذا ولا تقم
بذاك .. لا نريد ذلك ولا نكترث له ..
لقد قمنا بما ظننا أنه علينا القيام به ونترك الآخرين ليختاروا طريقهم
بأنفسهم وسنعمل على مساعدتهم بالذي نعرفه ونستطيعه .
- نحن نؤمن إيماناً قاطعاً أن كل من يسعى بصدق لطريق
الحكمة سيجد الطريق الذي عليه أن يسلكه ..
وإن الإنسان عندما يصبح مستعداً للسير على
طريق الحكمة سيجد المساعدة تأتيه من حيث لا يعلم ..
وستصل له الأجوبة المتعطش لها تدريجياً .. شيئاً فشيئاً ..طالما أن الرغبة
والإرادة موجودة ومستعرة فيه .
لقد قال الحكماء ذلك وأكدوا عليه ..
ولقد اختبرنا ذلك بأنفسنا خبرة مباشرة .. وكثيراً ما كانت الإجابات تأتي
بطرق مفاجئة و بالغة الغرابة .. ومازالت كذلك .
فلهذا نحن لا نخشى على القراء..
لأننا نعلم يقين العلم أنهم سيجدون طريقهم ..
ولعل عثورهم على هذا الموقع وسؤالهم هذا السؤال والإجابات
التي سيحصلون عليها هي إحدى هذه الطرق ولعل من لم يسألنا سيكون
عليه البحث بنفسه وما سيجده هو الأنسب والأفضل له .
هذه هي أهم الأسباب التي دعتنا للتعميم والابتعاد عن التفصيل ولم يدفعنا
إليها إلا حرصنا على القراء ورغبتنا بنشر الفائدة والابتعاد عن
الإرباك ولا غرض لنا من ذلك إلا المساعدة بما نستطيعه ونعلمه .
ونعتقد أنها أسباب مبررة !
الآن ..
بعد أن بيّنا الأسباب التي دعت لهذا التعميم .. علينا قبل الاطراد أن نوضح
أمراً بالغ الأهمية على الأخ الكريم الذي وصل معنا لهذا المرحلة أن
يفهمه كل الفهم .
سالك وليس حكيم ..
إننا نريد أن نؤكد للقارئ إن كاتب هذه السطور هو مجرد سالك .
نحن لا ندّعي الحكمة والمعرفة الكاملة.. وقد
ألمحنا لذلك كثيراً في نص رسالة الخروج إلى الداخل .
إن ما نريد أن نؤكد عليه كل التأكيد هو إننا عندما نقول إن كاتب هذه السطور
ليس حكيماً بل هو سالك فهذا ليس بدافع تواضع أو استحياء ..
بل إن هذه هي الحقيقة الفعلية ..
وكما يعلم القارئ الآن .. فنحن لا نكترث إلا للوقائع !
نعم ..
نحن لا ندّعي الحكمة ..
وليس لدينا إجابة عن كل شيء ..
وكوننا من جملة السالكين فنحن نتعثر ونحتار ونضطرب ..
ونغيّر ونبدّل ..
ونكافح كفاحاً شديداً لمعرفة ما علينا فعله ..
لدينا أسئلة كثيرة لا نعلم لها جواباً ..
ورغبات لم نتمكن حتى الآن من تحقيقها ..
وأمامنا مستويات عالية لم نصل لها ونسعى بكل ما أوتينا للوصول إليها ..
ونجاهد لمعرفة أفضل وأسلم وأسرع الطرق التي علينا السير بها لتحقيق ذلك .
بهذا فإننا نتمنى على القراء أن لا يعتبروا ما
سنحدده وننصح به من طرق وتقنيات بأنها هي الطرق الوحيدة التي عليهم
ممارستها ..
بالعكس تماماً ما .. سننصح به هو ما قمنا به واختبرناه وما استقر عليه أمرنا
حتى الآن .
وهو قابل للتغيير والتبديل من قبلنا ..
سنكون صادقين كل الصدق في تحديد أهم
التقنيات التي قمنا بها
واختبرناها بأنفسنا ..
وعلى كل متابع لنا أن يضع ذلك باعتباره وان يأخذ ما ننصح
به كطريق للإرشاد .. إشارة للطريق ..
يأخذ ما يجده مناسباً له ويدع ما لم يجد .
نرجوا أن يكون ذلك مفهوماً كل الفهم .
ونتمنى .. بل نتوقع إن بعض
قراءنا ممن يتبعوننا الآن سيتفوقون علينا في المكان والمكانة ..
وسيصلون قبلنا لما نسعى للوصول إليه الآن ..
وسنطلب منهم عندها المساعدة والإرشاد .. والنصُح والنصيحة ..
لأن المعرفة والوصول هو هدفنا الأوحد ..
ولا يهمنا من يصل أولاً .. ولا
من يرشد أولاً إلى طريق الوصول .
ما يهم بالنسبة لنا هو الوصول ..
الوصول هو هدفنا الأول والأخير . بعد أن أوضحنا ذلك فعلينا الآن وقبل تحديد التقنيات أن نعطي فكرة أكثر تحديداً عن مدارس وطرق الحكمة .. ما هي ؟ ما أنواعها ؟ وكيف يمكن الاختيار بينها .
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |