|
أخطار وأعراض أخرى ..
التصلب في التعامل مع الحياة وما فيها .
قلنا أن على السالك الالتزام بصفات التمييز .. والتقيّد بها بحزم ..
ليتمكن من تخطي الأوهام التي تظهر في ذهنه نتيجة للممارسة أو في مجمل أحداث
الحياة ..
الأوهام الجامحة .. والأوهام الأليفة !
والشجاعة هي إحدى صفات التمييز ..والتي بالالتزام الصارم بها يتمكن السالك
من مواجهة مخاوفه التي يهرب منها .
فتأثير الشجاعة لا يظل داخل عقل السالك ونفسه .. بل إنه
يخرج للعالم الخارجي ..
من خلال قرارات صعبة يتم اتخاذها .. وتغيرات على نمط الحياة والمعيشة ..
وتغيير للمحيطين والأصدقاء .. ومواجه الآخرين والمطالبة بالحقوق التي له
والتي خشي المطالبة بها من قبل ..
من خلال بذل الجهد .. وتقديم التضحيات ..
ومن خلال مواجهة المجهول الذي يترتب على كل هذه التغيرات ..
قد يدفع الحماس وضعف الخبرة لدى السالكين الجدد بهم إلى
القيام بأعمال متطرفة لا يجوز القيام بها ..
تغيير مفاجئ للسلوك .. طرد قاس للآخرين ورفضهم ..
قطع عنيف لعلاقات قديمة .. تغيير أهوج لعمل أو مهنة .. تشدد مبالغ فيه في
المطالبة الفورية باسترداد الحقوق ..
وهذا يحدث في الأغلب للسالكين
من ذوي العزم والإرادة القوية ..
وذوي الأنفس العجولة والمتهورة ..
النتيجة بالطبع ستكون كارثية !
ولن تأتي بالتأثير المطلوب .. وستولد هذه النتائج مزيد من
الأحداث التي تولد مزيد من الأوهام ..
فأفعال وردود أفعال .. ودائرة سلبية لا تنتهي ..
أن الأمر ليس كذلك ..
فالسالك تشدد في استخدام صفة الشجاعة ..
ونسي صفة التروي !
إن التغييرات المفاجئة قد تكون متعذرة .. وأن التشدد بإحداثها قد يؤدي لما
هو أسوأ منها ..
إن على السالك الملتزم بصفة الشجاعة أن يتحلى بالمرونة والذكاء في
التعامل مع التغيرات التي عليه اتخاذها ..
الحياة تتطلب المرونة كما تتطلب الشجاعة .. وبنفس الدرجة
.
التفكر .. والمراجعة .. والتأني .. والسماحة .. والصبر ..
كلها ضرورية للتعامل مع الحياة وتغيراتها المعقدة والشائكة ..
التشدد .. والتصلب .. والعجلة .. والتهور .. لن تنفع .
قد يعلم السالك أن عليه اتخاذ قرارات صعبة .. ولكن التنفيذ قد يتطلب التدرج
..
وقد يكون من المستحيل إحداث تغيير مفاجئ في علاقة ما .. قد يتطلب الأمر
الصبر عليها ..
وقد يتطلب المطالبة الفورية بحق مشروع فقدان لحقوق أخرى أهم ..
وقد يتسبب تغيير مفاجئ للسلوك إلى إرباك مقربين .. وإيذاء محيطين .. وإحزان
محبين ..
وكل ذلك لا يجوز ..
وسيتسبب بآثار أسوأ تولد نتائج
أسوأ من السابقة !
لابد من التأني .. والتدرج .. والمرونة ..
فكثير من الأوضاع الصعبة قد يكون من غير الممكن تغييرها فوراً ..
مما يتطلب الصبر عليها .. والصبر ملكة من الضروري أن يتحلى بها السالك ..
فإن لم يكن من البد على الصبر على
وضع ما فلا يتوقف السالك هنا مستسلماً ..
بل يوجه جهده الذهني والنفسي في الحد من تأثير هذا
الوضع على النفس والحد من سطوته على حياته وعلى سعادته وهدوءه
النفسي الداخلي ..
وهو أمر ممكن تحقيقه لأنه يعود للسالك نفسه ..
وسيكسب السالك من ذلك خبرات عميقة
عن نفسه وفكره وعن العالم أيضاً..
وقد تتطلب بعض الظروف الأخذ بالحلول الوسط دون بد إما لتعذر الحلول
الكاملة أو تفهماً وتعاطفاً مع أحد آخر .. فليتخذ السالك عندها
الحلول الوسط وليلتزم بالمرونة والتعاطف قدر الإمكان ..
فما لا يؤخذ بالشدة .. يؤخذ بالمرونة ..
وما لا يؤخذ بالقسوة .. يؤخذ بالحنان ..
وما لا يؤخذ بالعجلة .. يؤخذ بالصبر ..
وما لا يؤخذ بالمباشرة .. يؤخذ بالمراوغة !
ما نقصده من كل ذلك إن ظروف الحياة شديدة التباين .. وكثيرة التعقيد
.. متشابكة ومعقدة ..
ومتغيرة وغير متناهية ..
ولا يمكن إعطاء تعليمات محددة لما هو غير محدد .. ولا
إرشادات منتهية لما هو غير منتهي .
كل ما نريد أن نؤكد عليه للسالك هو أن الشجاعة هي شيء ..
والتشدد هو شيء آخر ..
الشجاعة التي ذكرناها وطالبنا السالك بالتمسك بها بحزم
تعني في الأساس شيء واحد ..
هو القيام بفعل ما مباشر لمواجهة العُقد التي تولّد
الأوهام ..
الفعل لإحداث تغيير هو المطلوب .. وهو الأمر الثابت الذي
لابد من الالتزام به بحزم ..
ولكن كيفية الفعل .. فهو أمر متغير على حسب الظرف والموقف
والزمن ..
إنها الحياة
والتعامل بها !
وهي عملية متواصلة من البحث والتجربة والخطأ ..
عند معرفة فعل ما يجب اتخاذه لمواجهة المخاوف فلابد من العمل بأفضل الحلول
وأقلها ضرراً على الآخرين إن كان ذلك .ممكناً.
لابد من التشدد وقت الشدة .. والمرونة وقت المرونة ..
وفعل أقصى ما يمكن لإحداث التغييرات المطلوب بأقل
التكاليف .
ثم مشاهدة النتائج التي تترتب على ذلك ..
فإن فعل السالك ما باستطاعته واكتشف إنه أخطأ في فعل ما
.. فعليه التراجع عنه وإحداث التغيير المطلوب ..
وعليه ألا يتوقف كثيراً بأسى عند الخطأ ونتائجه ..
فليتعلم من الخطأ وليواصل المسير ..
إن من المهم أن يفهم السالك هو أن الالتزام في الممارسة
ستساعد السالك حتى على مواجهة صعوبات الحياة وما فيها ومن فيها ..
لأن الممارسة توسّع مدارك السالك وترفع من ذكاءه ..
فسيتمكن عندها من النظر لكل حياته نظراً صحيحاً ..
ولأن الممارسة ستمكّن السالك من تخطي حواجز عميقة في نفسه
لطالما منعته من الالتفات لحلول كانت أمامه
ولأن الممارسة ستقوي شجاعة السالك وجسارته وسترفع من ثقته بنفسه بسبب تخطيه لعُقد نفسه .. الأمر الذي سيمكّنه من القيام بأعمال لم يتخيل إنه قادر عليها من قبل ..
والتفكير ببدائل لم يكن يجرؤ على التفكير بها من قبل ..
كل ذلك سيساعد السالك على تخطي عقبات الحياة وصعوباتها
بيسر وببراعة ..
وهي مهارات سيكتسبها تدريجياً كلما أوغل في الممارسة ..
وتعمق فيها .. وتمكن منها ..
لقد قال الحكماء والسالكون المتقدمون ذلك من قبل ..
ونحن نشهد على صحة ذلك من خبرتنا المباشرة ..
وسيشهد السالك على ذلك بنفسه .
بالإضافة لعَرض التصلب فقد يتعرض السالكين لعرَض آخر ..
الاشمئزاز ..
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |