تنفس المنخرين التبادلي تتنفس الحجاب الحاجز البطني |
التقنيات المقيّدة
التنفس :
التنفس هو علم واسع في مدارس الحكمة وخصوصاً الشرقية منها كالهند
والصين وشرق آسيا ..
وهناك سالكين يمضون سنوات طويلة في تعلم وممارسة تقنيات التنفس ..
بعض هذه التقنيات تعتبر خطرة جداً على حياة الإنسان إن لم تنفذ
بشكل دقيق وصحيح وبعضها يعتبر من الأسرار ..
بطبيعة الحال لا يمكننا الحديث مطولاً عن علم التنفس وتقنياته في
هذه الرسالة الموجزة ..كما أننا لسنا مؤهلين لذلك ..
ما يهمنا هو أن يفهم القارئ أن التنفس له تأثير أساسي وجوهري ليس
فقط على حياة الإنسان بل على فكرة وعلى نفسه ..
بطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يعيش دون تنفس لأكثر من بضع دقائق ..
وهذه ليست حقيقة بسيطة يتم تجاوزها بسرعة ..
فهذه الحقيقة تبين العلاقة المباشرة بين التنفس وبين طاقة الحياة
نفسها .. التنفس يبدو هنا كأنه حامل لطاقة الحياة ..
علم التنفس لدى مدارس الحكمة الشرقية يسمى براناياما
Pranayama
..
والبرانا لدى مدارس الحكمة الشرقية هي طاقة الحياة ..
وهي طاقة حقيقية موجودة في كل مكان في الكون .. وهي الحامل للحياة
نفسها ..
تماماً كما أن الطاقة الفيزيائية هي الحامل لمعنى الحركة .. فإذا
لم تكن هناك طاقة .. لن تكون هناك حركة .. كذلك البرانا هي حامل
لمعنى الحياة .
وللتنفس تأثير مباشر على الفكر والنفس .. يؤثر ويتأثر به ..
الإنسان القلق .. الخائف .. الغاضب يتنفس بطريقة سريعة وحادة
وسطحية ..
الإنسان المطمئن .. الهادئ .. السعيد يتنفس بطريقة بطيئة وهادئة
وعميقة ..
النائم يتنفس بطريقة أبطأ وأعمق من المستيقظ ..
الحالة النفسية والفكرية تظهر .. تنعكس على التنفس جبراً ..
عندما يكون الإنسان غاضب فهو جبراً سيتنفس بسرعة .. وعندما يكون
مطمئناً فهو جبراً سيتنفس بهدوء ..
والعكس صحيح أيضاً ..
فالفكر والنفس
يؤثران على التنفس ... والتنفس يؤثر على الفكر والحالة النفسية ..
فالتنفس هو الجسر بين الفكر وبين الجسد ..
ولأنه كذلك فللتنفس تأثير كبير على الجهاز العصبي لدى الإنسان
والمتصل بدوره بالفكر وبالنفس ..
فالإنسان قد لا يستطيع أن يتحكم بفكرة وحالته النفسية .. ولكنه
يستطيع أن يتحكم بتنفسه ..
ولهذا يمكن بالتحكم في التنفس لتغيير الحالة الفكرية والنفسية التي
يمر بها الإنسان ..
فلو تم التحكم بالتنفس عند الغضب .. وقام الغاضب بالتنفس في هذه
اللحظة بهدوء وعمق لعدة دقائق سيلاحظ أن غضبة خف وأن فكره استقر
بسرعة ..
وهكذا لو تنفس المطمئن بسرعة وحدة ستتغير حالته النفسية والفكرية
إلى مزيد من القلق والاضطراب ...
والإنسان في عصرنا الحالي يمارس عادات سيئة وخاطئة وضارة كثيرة ..
ومنها طريقة التنفس !
وهذا أحد الأسباب التي تؤدي للاضطرابات الفكرية وعدم التوازن
النفسي ..
نحن لا نزود أجسادنا وبالتالي جهازنا العصبي وبالتالي فكرنا
وأنفسنا بالنَفَس الضروري للحياة بشكل صحيح وكافي .. فماذا يمكن أن
نتوقع ؟!
لهذه الأسباب ولأسباب أخرى كثيرة فالتنفس وتقنيات التنفس تعتبر
جزءاً أساسياً وجوهرياً للممارسة الروحية ..
هناك تقنيات كثيرة جداً للتنفس .. بالنسبة لنا ..
وكما هي عادتنا فنحن نفضل عدد محدود من التقنيات يتم الالتزام بها
والمداومة عليها ..
ننصح نحن بثلاث تمارين للتنفس
.. وهي ما قمنا بممارسته بأنفسنا ..
هذه التمارين هي :
تنفس المنخرين التبادلي .
تنفس الحجاب الحاجز .
والتنفس الفَقري .
يمكن للسالك أن يختار تمرينين فقط من هذه التمارين الثلاث على أن
يكون التنفس الفَقري أحدهما .. ننصح بالتمارين الثلاث معاً .
ولكن قبل ذلك علينا الحديث عن التقنيات الأساسية التي يجب أن تتحقق
في كل تمارين التنفس ..
التقنيات الأساسية لتمارين التنفس
التنفس عبر الأنف
في تمارين التنفس لابد أن تتم عملية التنفس من خلال الأنف فقط وليس
من خلال الأنف والفم ..
لا يجوز القيام بالتنفس إلا من خلال الأنف فقط .
ويقول أهل العلم أنه لا يجوز التنفس إلا من خلال الأنف في كل
الحالات .. عند التمرين وفي الحياة العادية ..
التنفس من خلال الفم لا يكون إلا عند الضرورة القصوى .. فالتنفس من
خلال الفم له مضار على الجسد والنفس والفكر .
وعلى السالك أن يقوم بتنظيف الأنف قبل التمرين بالاستنشاق .. أو
بأي طريقة أخرى ليمر الهواء في المنخرين بهدوء وسلاسة .
وعي النَفَس ..
Breath Awareness
نقصد بوعي النَفَس هو الانتباه نحو النَفَس أثناء ممارسة تمارين
التنفس ..
فنحن وفي حياتنا العادية نتنفس بشكل آلي دون أدنى انتباه لعملية
التنفس التي يقوم بها الجسد ..
لا يصح ذلك في تمارين التنفس .
دون انتباه لعلمية التنفس فلا قيمة لتمرين التنفس ..ولن يكون له أي
تأثير .
يقول الحكماء أن تمرين التنفس يبدأ بوعي وينتهي بوعي .
لهذا فعلى السالك أن يولي هذه المسألة أولوية قصوى ..
كيفية الانتباه
عندما يبدأ السالك تمارين التنفس عليه أن يغمض عينية ثم يصرف النظر
عن أي فكرة أخرى وينتبه للنَفَس وهو يدخل ويخرج من الجسم ..
من اللحظة التي يدخل فيها النَفس إلى الأنف .. اشعر بالهواء وهو
يدخل المنخرين ..
تابع الانتباه أثناء عملية الشهيق للنَفَس وهو يدخل إلى الحلق في
طريقه متجهاً إلى الرئتين .. اشعر به ..
استمتع بالإحساس المتولد عن ذلك ..
تابع الانتباه للنَفَس وهو يدخل الرئتين .. ثم تابعه وهو يخرج
تدريجياً من الرئتين ..
واصل المتابعة للنَفس وهو يصل للحلق ثم يخرج بهدوء من المنخرين ..
الآن ..
وكطريقة أفضل للمتابعة .. وهي طريقة لها تأثير أكبر وأعمق ..
فأثناء الانتباه للنَفَس وهو يدخل الجسم .. تخيل شكله ..
تخيل النَفَس وكأنه تيار من سائل هادئ أبيض اللون يدخل إلى
المنخرين .. ثم الحلق .. ثم الرئتين ..
ثم تخيل هذا التيار وهو يخرج بهدوء وبالتدريج من الرئتين .. ثم
الحلق .. ثم المنخرين .. اشعر بالإحساس المتولد عن حركة هذا التيار
.
كرر هذا الانتباه والتخيل في النفَس التالي .. ثم الذي يليه إلى أن
ينتهي التمرين .
التيار الأبيض الهادئ يدخل الجسم وينزل إلى الأسفل أثناء الشهيق ..
ويخرج إلى الأعلى أثناء الزفير ..
إن هذه العملية تتطلب بضع دقائق للتدرب عليها ثم مع الوقت ستصبح
عادة طبيعية ..
إن لهذه الطريقة تأثير كبير على إحداث استرخاء كبير في الجسم ..
سعادة وطمأنينة في النفس .. وراحة شديدة .
التنفس يتم بهدوء
دون تقطعات ..
وهي إحدى التقنيات الأساسية لأي تمرين تنفس ..
لابد أن يتم التنفس بشكل هادئ وعميق ودون تقطعات ..
لابد أن يتم دخول النَفَس وخروجه بسلاسة وهدوء .
وأثناء الشهيق فعلى السالك أن لا يجبر نفسه على ملئ الرئتين بكم
زائد من الهواء .. ولا على إفراغ كل الهواء عند الزفير ..
إملأ جسدك بالَنَفس لأقصى قدر تستطيعه دون إجبار أو إزعاج .. بل
بسلاسة وهدوء واسترخاء ..
التنفس المستمر دون توقف .
يفضل القيام بهذه التقنية وهي تقنية هامة في تمارين التنفس ..
وهي عدم التوقف بين الشهيق والزفير ..
عندما يدخل الهواء إلى المنخرين .. ثم الحلق .. ثم الرئتين ..
وعندما تمتلئ الرئتين بأقصى قدر من الهواء دون إجبار .. ينتقل
السالك فوراً لعلمية الزفير دون توقف ..
شهيق .. يليه زفير .. بهدوء ودون توقف بينهما ..
يحافظ السالك على وعي النَفَس كما ذكرنا .. ويوجه انتباهه عندما
يتحول التنفس من شهيق إلى زفير .. ثم يتابع الانتباه عند خروج
النَفَس كما ذكرنا ..
سهولة وسرعة التعلم ..
هذه هي التقنيات الأساسية التي تصاحب كل تمارين التنفس ..
يتطلب الأمر بضع مرات من الممارسة حتى يتعلم السالك الحفاظ عليها
..
عند الاستمرار في الممارسة وبسرعة ستتحول هذه التقنيات إلى عادات
طبيعية تصاحب جميع تمارين التنفس .
بعد أن تعلمنا التقنيات الأساسية للتنفس نبدأ الآن في وصف تمارين
التنفس الثلاث التي ننصح بها ..
بداية تمرين التنفس
كما ذكرنا فإن السالك له الحرية أن يقسم التمارين إلى قسمين .. كأن
يمارس تمرين التركيز وتمرين الخيال في النهار ويمارس البقية في
الليل ..
إذا اختار السالك ذلك ففي القسم الثاني عليه أن يبدأ بتمارين
التنفس .. ثم يليه التانترا ثم التأمل ..
وإن اختار السالك أن يمارس جميع التمارين في وقت واحد فليبدأ
بتمرين التركيز .. ثم الخيال .. ثم التنفس .. ثم التانترا .. ثم
التأمل ..
يمكن ممارسة تمارين التنفس بوضعية الجلوس المفضلة كما يمكن ممارسته
بوضعية التمدد .
بعد أن ينتهي السالك من تمرين الخيال يبدأ تمرين التنفس .. وليبدأ
بالتمرين الأول ..
تنفس المنخرين التبادلي
Alternate Nostril Breathing
يقوم هذا التمرين في تبادل الشهيق والزفير بين المنخرين ..
هناك عدة طرق للقيام بذلك ننصح بالطريقة الأشهر وهي التالية ..
الطريقة الأولى :
يتم إغلاق أحد المنخرين بالأصابع .. لنقل إغلاق المنخر الأيسر ..
يبدأ الشهيق من المنخر الأيمن .. بعد إتمام الشهيق
يُغلق المنخر الأيمن الآن بالأصابع ..
ثم يتم الزفير من المنخر الأيسر .. بعد إتمام الزفير يعاد الشهيق
من المنخر الأيسر نفسه ..
بعد إتمام الشهيق يغلق المنخر الأيسر ويتم الزفير من المنخر الأيمن
..
تعتبر هذه دورة كاملة ..
تعاد العملية مرة أخرى .. حتى إتمام خمس دورات .
ينتهي هذا التمرين بإتمام خمس دورات .
على الرغم من التعقيد الظاهري لهذه الطريقة فهي في الحقيقة بسيطة
ويمكن تعلمها في دقائق .
يمكن للسالك تعلم الطريقة من مقطع الفيديو المقابل .
هناك طريقة أخرى أسهل في الفهم لممارسة هذا التمرين .
الطريقة الثانية :
يتم إغلاق أحد المنخرين بالأصابع .. لنقل المنخر الأيسر..
يتم الشهيق والزفير من المنخر الأيمن لخمس مرات متتالية .. ثم يغلق
هذا المنخر ..
ويتم الشهيق والزفير من المنخر الأيسر لخمس مرات متتالية أيضاً ..
تكرر هذه العملية خمس مرات وبذلك ينتهي التمرين .
في كلا الطريقتين لابد من الالتزام بالتقنيات الأساسية عند
الممارسة .. الانتباه للنَفَس .. عدم التقطع .. الهدوء والسلاسة .
لتمرين التنفس التبادلي أهمية كبرى في توازن البرانا أو طاقة
الحياة في داخل كيان السالك ..
وهذا سيكون له تأثير هام في إعداد السالك وتوسيع وعيه .. كما له
أهمية في إعادة التوازن الفكري والنفسي للممارس .
بعد الانتهاء من هذا التمرين ننتقل للتمرين الثاني من تمارين
التنفس
تنفس الحجاب الحاجز البطني Diaphragmatic
Billy Breathing
وهو تمرين هام من تمارين التنفس يعتمد على تحريك الحجاب الحاجز
وعدم تحريك الصدر عند الشهيق والزفير ..
يمكن القيام بهذا التمرين بوضعية الجلوس ووضعية التمدد ..
كيفية الممارسة :
يغمض السالك عينية ..
يستنشق الهواء من الأنف بهدوء ..
أثناء دخول الهواء يحافظ السالك على ثبات الصدر ويوسّع البطن
.. عند توسيع البطن يتسع الصدر في نفس الوقت بسبب انبساط الحجاب
الحاجز .. وهذا يسبب دخول كم كبير من الهواء للرئتين ..
يملأ السالك الرئتين بالهواء لأقصى درجة دون إزعاج ..
يقلص السالك الآن بطنه تدريجياً أثناء عملية الزفير .. عند تقليص
البطن يضيق الصدر فيسبب ذلك طرد الهواء من الرئتين ..
يتم تفريغ الهواء من الصدر لأقصى مدى دون إزعاج ..
يكرر الشهيق والزفير لثلاث دقائق ..
ينتهي التمرين بذلك
بطبيعة الحال لابد من الالتزام بالتقنيات الأساسية عند الممارسة ..
الانتباه للنَفَس .. عدم التقطع .. الهدوء والسلاسة .
الفكرة من هذا التمرين أن يتم توسيع وتضييق الصدر من خلال حركة
البطن وليس من خلال حركة الصدر .. حيث يبقى الصدر ثابتاً أثناء
الشهيق والزفير .
يمكن الاستعانة بمقطع الفيديو المقابل لتعلم ذلك .
بعد الانتهاء من هذا التمرين ننتقل للتمرين الثالث من تمارين
التنفس .
التنفس الفَقري
Spinal Breathing
وهو تمرين هام جداً وله تأثيرات غامضة وعميقة ..
وإذا اختار السالك تمرينين فقط من تمارين التنفس فهذا التمرين لابد
أن يكون أحدهما ..
يمكن القيام بهذا التمرين بوضيعة الجلوس أو التمدد ..
كيفية الممارسة :
يغمض السالك عينية ..
يبدأ الشهيق بهدوء .. عند الشهيق يتخيل السالك أن تيار الطاقة
الأبيض الهادئ ينزل من أعلى الرأس ويهبط نازلاً على العمود الفقري
..
يستمر الشهيق بهدوء ويستمر سريان التيار تدريجياً نازلاً إلى أن
يصل إلى أسفل العمود الفقري ..
عند الزفير يعود التيار الهادئ في الاتجاه المعاكس .. من أسفل
العمود الفقري إلى أعلى الرأس ..
ثم الشهيق مرة أخرى ليعود التيار من أعلى الرأس إلى أسفل العمود
الفقري .. فالزفير ليعود التيار من أسفل العمود الفقري صاعداً إلى
الرأس .
يستمر السالك بالتنفس بعمق وهدوء وهو ينتبه لهذا التيار من الطاقة
يهبط من الرأس نازلاً إلى الأسفل عند الشهيق .. ويصعد من أسفل
العمود الفقري صاعداً للأعلى عند الزفير ..
وكأن هذا التيار هو تيار كهربائي يتذبذب بين قطبين أحدهما في أعلى
الرأس والآخر في أسفل العمود الفقري .. ينزل عند الشهيق ويصعد عند
الزفير ..
ليشعر السالك بتدفق هذا التيار الهادئ بين الرأس والعجز ..
وليستمتع بهذا الشعور ..
يستمر التنفس بهذه الطريقة لثلاث دقائق ..
وبهذا ينتهي هذا التمرين ..
هذا تمرين بالغ الأهمية وله تأثير عميق جداً .. كما أنه تمرين سهل
وممتع ومريح ..
بهذا ننتهي من التمارين الثلاث للتنفس التي ننصح بها ..
تمارين التنفس الثلاث هذه تهيئ السالك للانتقال للتمرين الرابع وهو
تمرين بالغ العمق يمس صميم كيان السالك ..
وهو التانترا
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |