|
التقييم والمتابعة .
على السالك أن يخصص يومين في الشهر محدديّن بدقة ..
مثلاً في يوم منتصف الشهر .. ويوم آخر الشهر ..
هذان هما يومان هامّان بالنسبة للسالك ..
هما يوما التقييم والمتابعة.. لا يتأخر عنهما لأي عذر..
وإن تأخر عن أحدهما لسبب قاهر .. فعليه بالتنفيذ في أول فرصة تتاح
له مهما كانت صغيرة ..
وعليه أن يخصص لنفسه دفتراً خاصاً للتقييم ..
يكتب فيه ما يشبه الجدول .. لكل يوم من أيام التقييم صفحة مستقلة
محددة بتاريخه وساعته .
عليه أن يراجع في هذين اليومين مدى التزامه بالتقنيات المقيدة
المحددة بجلسة ..
يراجعهم واحدة واحدة
.. وعليه أن يحدد مدى عمق انتباهه أثناء الممارسة ..
مثلاً يعطي نفسه درجة من عشر درجات يقيّم فيها التزامه ومدى
انتباهه أثناء الممارسة لكل تمرين على حدة ..
وأن يفعل نفس الشيء للتقنيات الحرة ..
فعليه أن يخصص مكاناً لتقييم التزامه بتقنية مراقبة النفس وتصفيتها
بشكل خاص..
ويرى في نفسه هل كشف شيء جديد خلال الفترة السابقة ؟ هل تخطى
الحاجز الذي اكتشفه وتحرر منه ؟
ثم عليه أن يعطي نفسه درجة من عشر درجات لمدى التزامه بهذه التقنية
.
أما بقية التقنيات الحرة الأخرى فعليه ان يحدد مدى التزامه بشكل
عام بهما ..
ولأن التقنيات الحرة الأخرى متداخلة بطبيعتها .. وليس لها وقت محدد
.. فمن المتعذر أن يعطي لنفسه درجة من عشر تشمل
كل تقنية .
لذا عليه أن يعطي درجة عامة من واحد لعشر لكل التقنيات الحرة
الأخرى مجتمعة .. وليقيّم مدى التزامه بها ومدى استفادته منها ..
عليه أن يأخذ هذا الأمر على أعلى درجات الجدية .
وعليه أن يعاقب نفسه عندما يجد أنه أخل بالالتزام .. كأن يحرم نفسه
من شيء يحبه أو معتاد عليه ..
وعليه أن يكافئ نفسه عندما يجد أنه أحسن الالتزام .. بأن يمنح نفسه
شيء يرغب فيه ويستمتع به ..
إن هذه ممارسة بحد ذاتها ..
هي في الحقيقة بالغة الأهمية ..
لأنه دون تقييم ومتابعة سيكون من المستحيل الالتزام الطويل .. ودون
الإلتزام الطويل لن تكون هناك نتائج ..
وهي ممارسة لها أهمية بالغة في تدريب النفس على الانضباط وعلى
برمجة العقل على الالتزام ..
هذه الممارسة في مدارس الحكمة يقوم بها المعلم بنفسه .. يقيّم من
خلالها المتابعين والمريدين ..
يهابها المتابعون ويخشون نتائجها .. ويحسبون لها ألف حساب .
أما السالك الذي يسير وحيداً فعليه ممارستها لنفسه وبنفسه
وبالطريقة التي حددناها ..
ففي النهاية السالك يعمل من أجل نفسه .. ولا معنى للغش والتهرب !
لا يمكن هنا إلا الصدق والالتزام الصارم .
فالسالكون يعلمون ما لا يعلمه غيرهم .. وهم لذلك يفعلون ما لا
يفعله غيرهم .
إن الالتزام الصارم بالممارسة سيترتب عليه توسّع وعي السالك .. هذا
الاتساع سينعكس بتغيرات على السالك نفسه وبخبرات جديدة ..
فللممارسة آثارها ..
وفي القسم القادم سنتحدث عن شيء من الأعراض والآثار التي تترتب
عليها ..
ولكن حتى نفهم ذلك تماماً .. وحتى يكون القارئ على بيّنه وعلم
وتوقع مما يمكن أن يواجهه ..
فلا بد أولاً أن نتحدث عن العوالم الأخرى وعن
شيء من خبرتنا معها ..
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |