Fractals - The Colors of infinity وثائقي هام عن الكسريات (الفراكتل) أحد أهم اكتشافات العصر الحديث. من خلال مفهوم الكسريات يمكننا أن نكون أكثر فهماً لحديث الحكماء عن تداخل الكل وأجزاءه والذي هو مظهر للواقع كما هو .
"ما هو في الأعلى مثله في
الأسفل
وما هو في الأسفل مثله في الأعلى " الحكيم هيرميس |
في المعرفة – العالم كما يراه الحكماء
العالم كوحدة واحدة
الحكمة هي معرفة الواقع كما هو والعمل بمقتضى هذه المعرفة
والحكماء يرون الواقع كوحدة واحدة كما ذكرنا ..
وكالمرء الذي ذكرناه في الموضوع السابق الذي ينظر للوحة عن قرب
شديد لن يرى إلا هذه اللوحة .. بل لن يرى إلا جزء منها ..
عندما يسير المرء على طريق الحكمة وبعد حد ما من التطور واتساع
الإدراك يصبح قادراً على إدراك واختبار عوالم أخرى وكائنات أخرى
عاقلة لم يكن يدرك وجودها من قبل ..
بسبب اتساع مدى الإدراك يصبح كالمرء الذي اتخذ خطوة للخلف وأصبح
يشاهد لوحات أخرى .
وعند الاستمرار في الطريق وبعد حد أعلى من التطور الإدراكي يصبح
كصاحبنا الذي قفز قفزة لأعلى وأصبح يشاهد جدران أخرى .
هنا يبدأ إدراك مستويات الوجود الأعلى
وفي كل مرة تتسع الصورة أكثر ويبدو الوجود كوحدة أكبر ..
يقول الحكماء أن هذه الوحدة ..هذا الشيء الواحد ليس هو صورة جامدة
..ليس هو شيء ثابت ، بل هو كيان متحرك تتفاعل أجزاءه مع بعضها
البعض .. تؤثر وتتأثر في بعضها البعض .
تفاعل أجزاء العالم مع بعضه البعض هو تفاعل حركي متغير .
شبيه بحركة النهر الجاري .. حركة كل جزئ من الماء في هذا النهر
تؤثر وتتأثر بحركة الجزيئات الأخرى ..إذا كانت حركة جزيئات الماء
متناغمة ستظهر حركة النهر سلسة متناغمة ..إذا كانت حركة الجزيئات
مضطربة متصادمة ..ستضطرب حركة النهر .. ستظهر دوامات عميقة ..فوران
وأمواج متلاطمة .
السبب بأن المرء لا يرى وحدة أجزاء العالم وتفاعلها بعضها ببعض هو
مستوى الإدراك لديه .
مستوى الإدراك يحدد مدى القدرة على رؤية أجزاء شيء كوحدة واحدة
عندما يكون مستوى الإدراك عالي يكون المرء قادر على جمع أجزاء أكثر
في وحدة واحدة .. يكون قادر على جمع أجزاء أكبر للصورة الواحدة .
عندما يكون مستوى الإدراك متدني لا يرى المرء إلا أجزاء منفصلة
معزولة عن بعضها البعض .
ولتوضيح ذلك :
فالأمر أشبه بمن ينظر إلى بيته من الداخل .. فهو هنا لا يرى إلا
بيته ..
قفزة للأعلى ..
هو يرى الآن حي بأكمله يتفاعل كل من فيه مع بعضه البعض .. بيته هو
جزء من هذا الحي..
قفزة أخرى للأعلى ..
الحي الآن هو جزء من أحياء أخرى تكون مدينة .. المدينة جزء من مدن
تكون دولة .. الدولة جزء من دول تكون إقليم ..الإقليم جزء من
أقاليم تكون قارة ..القارة جزء من قارات تكون الكوكب .. الكوكب جزء
من مجموعة كواكب تكون المجموعة الشمسية ..التي بدورها هي جزء من
مجموعات أخرى تكون المجرة والتي هي جزء من مجرات تكون الكون
بأكمله.
لقد بدأنا التقسيم باعتبار البيت كوحدة واحدة أولى ثم انتقلنا لما
هو أعلى وهو الحي ثم ما هو أعلى وهي المدينة..
يمكن بدأ تقسيم أجزاء الكون
من مستوى أعلى باعتبار الكوكب هو أول وحدة ثم ننتقل لما
هو أعلى ..
ويمكن بدأ التقسيم من مستوى أدنى بأن نبدأ من غرفة واحدة كأول وحدة
ثم بيت ثم حي..
ويمكن أن نبدأ بما هو أدني بأن نبدأ بطوبة واحدة من جدار واحد في
غرفة واحدة ..
هكذا يمكن اختيار مستوى التقسيم بأي مستوى نشاء .
مستوى الإدراك هو الذي يحدد بداية التقسيم .
فالمستوى العالي للإدراك يميل لبدء التقسيم من حد أعلى والمستوى
المتدني للإدراك يميل لبدء التقسيم من حد أدنى .
لذلك فذو الإدراك المتدني لا يتمكن من مشاهدة الصورة كاملة .. هو
لا يرى إلا أجزاء متفرقة منعزلة لا يربطها رابط .
وحتى عند لفت انتباهه للصورة كاملة
.. يعود مرة أخرى للنظر للأمور كأجزاء منفصلة منعزلة !
الأجزاء المنفصلة غير المترابطة والتي يظن أنها لا تتأثر ببعضها
البعض هي التي تكون ثابتة في ذهنه دائماً ..
كلما تقدم المرء على طريق الحكمة أصبح قادراً أكثر على توحيد
الأجزاء وعلى فهم ترابطها مع بعضها البعض وتأثرها ببعضها البعض .
ولهذا فالحكماء يقولون لنا أن طبيعة الواقع هي انه وحدة واحدة لا
ينفصل أي جزء عن بعضه البعض وإن أجزاءه تتفاعل مع بعضها البعض
تفاعلاً حركياً متغيراً حيث كل جزء يؤثر ويتأثر بالأجزاء الأخرى.
وكما قلنا فإن الحكماء لا يعلمون ذلك عقلاً فقط بل إنهم يشاهدونه
مشاهدة فعليه حقيقة في خبرة إدراكية لا يمكن أن يصفوها لنا إلا
بالمثال والمقاربة.
العالم هو وحدة واحدة .. ليس هذا فحسب .
يقول الحكماء أيضاً إن كل جزء من العالم يعكس
العالم بأكمله.
يجد الحكماء صعوبة كبيرة عندما يحاولون أن يصفوا لنا هذه السمه
الغريبة من سمات الواقع والتي شاهدوها بأنفسهم ..
وبسبب هذه الصعوبة فإنهم أحياناً يستعينون بالقصص.. بالأسطورة
..بالشعر وأحياناً باستخدام مفاهيم فلسفية بالغة التعقيد .
لقد وفرت علينا العلوم الحديثة كل ذلك.
إن أقرب تشبيه لهذه السمه من سمات الواقع هي الصورة
الهولوغرافية .
حيث أن كل جزء من الصورة يحتوي على الصورة بأكملها ..
الصورة بأكملها موجودة في كل جزء منها..
بالإضافة إلى ذلك فإن الصورة المسجلة على سطح ذو بعدين تظهر عند
مشاهدتها ثلاثية الأبعاد ..
هنا يظهر أن وحدة العالم وترابطه تصبح ذات معنى أعمق بكثير .
لأنه لا يصبح هناك جزء أهم من جزء آخر ..
الكل مهم بنفس الدرجة.
فكل جزء مهما صغر يحتوى على الصورة بأكملها ..
الجزء يحتوي على الكل .. الكل يحتوي على الجزء ..
لقد تحدث الحكماء عن هذه السمه من سمات الواقع منذ الآف السنين
..ولم يصدقهم أحد
لم يفهم أغلب البشر كيف يمكن أن يكون هناك شيء كهذا..
أما الآن فنحن نعلم أن هذا الشيء موجود وممكن .. بل أن هناك نظريات
فيزيائية تميل لتفسير الكون على هذا الأساس .
وقد تحدثنا عن ذلك عند الحديث عن الواقع الهولوغرافي .
وحدة العالم وترابطه وتداخل الجزء بالكل هو ليس رأياً يراه الحكماء
..
بل هو علم ..
هذا هو العالم .. وهذا هو الواقع ..
هذا ما شاهده الحكماء الذين تمكنوا من اختبار الواقع من خلال
مستويات إدراك عليا ، وكل ما فعلوه أنهم وصفوا لنا ما شاهدوه
واختبروه ..
حتى الآن يبدو الواقع لنا كما يصفه الحكماء أغرب حتى من الخيال..
ولكن ..هناك ما هو أغرب
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |