|
وحدة المعرفة والممارسة
كما ذكرنا فطريق الحكمة يقوم على محوريّن وهما
المعرفة والممارسة .
المعرفة والممارسة هما كل واحد يؤثر
ويتأثر كل منهما بالآخر .
لكي يتمكن السالك من تحويل انتباهه للواقع
الأعلى ..
لكي يتمكن من السيطرة على فكره فلا بد من حضور
القلب والانتباه تجاه الهدف ..
لكي يوجه الانتباه للهدف لابد من معرفة ما هو
الهدف .. لابد من فهم الواقع ..لابد من فهم الوعي .. لابد من
المعرفة .
حتى السالك الذي يعرف ماهية الواقع والوعي ..
حتى السالك الذي يعرف الهدف الذي عليه السعي من أجله سيكون معرض
لنسيانه والانحراف عنه تحت ضغط الشبكة وقوتها ..
لابد من الإرادة ... لابد أن تظل الإرادة تجاه
الهدف مشتعلة وقوية .
لكي تظل الإرادة قوية لابد من حضور القلب ..
حضور القلب يتطلب السيطرة على الفكر الأمر
الذي يؤدي إلى التركيز ..
التركيز يتطلب هدوء النفس ..
لا يمكن للنفس أن تهدأ إلا بتذكر الهدف ..
تذكر الهدف يتطلب المعرفة ..
وهكذا ..
كل من المعرفة والممارسة هما كل لا ينفصل يؤثر
كل منهما بالآخر و يتأثر به .
وهما متداخلان مع بعضهما البعض ..لا يوجد
بينهما فاصل زماني .
فالسالك يعمل على تعميق معرفته وفي نفس الوقت
توجيه انتباهه وتنقيه نفسه وتقوية إرادته
الخ
في عمل يمثل وحدة واحدة قد يحدث خلالها لمحات
من الخبرات الإدراكية العليا أو خبرات أقل من ذلك دون أن يكون هناك
ضرورة لأن يصل السالك لأعلى الدرجات في صفاء النفس أو السيطرة على
الفكر .
السير على طريق الحكمة هي رحلة متواصلة
ومتفرعة ومتداخلة .
يواجه السالك في بداية رحلته على طريق الحكمة
الكثير من الارتباك والشقاء لهذا السبب .
يرى السالك أن كل ذلك يبدو كمعركة قاسية لا
تنتهي .
تبدو تعاليم الحكماء وتقنياتهم معقدة وشديدة
الصعوبة .
وتبدو الرحلة مُربكة وخطيرة ..
التنسيق بين المعرفة والممارسة ..
الإرادة مع حضور القلب ..
السيطرة على الفكر مع التركيز ..
هدوء النفْس .. مع السلوك القويم في التفاعل
مع الآخرين ..
كل هذا والشبكة تضغط بقوة على عقل ونفس السالك
..
كل ذلك يتطلب جهداً وجهاداً لا يتوقفان ..
والسالك في خطر الانهيار..
تُشبِّه كتب الحكمة الشبكة بالبحر والممارسة
بتعلم العوم في هذا البحر .
السالك هنا أشبه بالإنسان الذي يتعلم العوم ..
عليه الانتباه لتنسيق حركة أعضاء جسده بين
بعضها البعض..
وعليه تنسيق التنفس مع أعضاء الجسد..
وعليه في نفس الوقت الاسترخاء وهدوء الحركة
لتجنب الغرق ..
عليه السباحة بتناغُم مع أمواج البحر التي لا
تتوقف ..
يبدو الأمر مُربكاً .. محيراً ..وخطيراً .
على السالك أن ينجو من الغرق في هذا البحر
المتلاطم الأمواج .
ولن ينجو إلا إن تعلم العوم بهدوء وتناغم ..
وهو لن يتعلم ذلك إلا بالممارسة والمثابرة
والإصرار .
عندها ما كان صعباً مربكاً وخطيراً يصبح سهلاً
هيناً وآمناً .
ولا يكون ذلك في طريق الحكمة إلا بتضافر
المعرفة مع الممارسة .
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |