" الآن يبدأ تعلّم اليوغا
اليوغا
هي السيطرة على العمليات الذهنية
حتى
يتثبت الرائي في ذاته الحقيقية
في
غير هذه الحالة يأخذ الرائي شكل هذه العمليات الذهنية "
|
في الممارسة – طريق الخبرة المباشرة السيطرة على الفكر – مراقبة النفس
السيطرة على الفكر هي جوهر الممارسة الروحية
وأساس طريق الحكمة .
لماذا؟
لأن الأمر كله هو في وعي السالك .. في فكره .
الشبكة التي علق السالك بها هي مجموعة من
الأفكار والمفاهيم والسلوكيات والقيم والعادات التي تكوّن شخصية
السالك .
هي الطبقات التي تمثل شخصيته .
بفعل الخلط بين الواعي وما يعيه يظن السالك إن
مجموع هذه الطبقات هي ..هو
هذه الطبقات تصبح كالبرامج التي توجه السالك
وتسيطر على كل ما يفعله ويقوله ويفكر به .
هي أفكار موجودة في رأسه هو !
ومن خلال هذه الأفكار يفهم السالك عالمه .. ما
يحبه وما لا يحبه .. ما يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله .. ما
يجب أن يطمح إليه وما يجب ألا يطمح إليه .
الآن وقد عرف السالك أن حقيقته أكبر من ذلك
بكثير .
فعليه أن يسيطر على هذه الأفكار والمفاهيم
والقيم والسلوكيات والعادات .
عليه أن يسيطر عليها ..لا أن تسيطر هي عليه .
يتم ذلك بمراقبة النفس .
تحث طرق الحكمة على اختلافها على أن يراقب
السالك فكره وبشكل دائم لا ينقطع .
عندما يفكر في شيء ما ..
عندما يتكلم عن شيء ما..
عندما يفعل شيء ما ..
عليه أن يعلم لماذا هو يفكر بما يفكر فيه ؟
لماذا يتكلم بما يتكلمه ؟ لماذا يفعل ما يفعله ؟
ما الدافع الذي يدفعه لذلك ؟ ما هو مصدره ؟
مع كل إجابة عن هذه الأسئلة تنكشف للسالك سمه
من سمات نفسه .. طبقة من طبقات وعيه .
مع كل إجابة يعلم السالك عن نفسه .. عن ذاته
ما لم يكن يعلمه من قبل .
وطرق الحكمة على اختلاف أشكالها توضح بالتفصيل
كيف على السالك القيام بذلك وكيف يمكنه أن يتذكر القيام بذلك .
علم الحكمة يحدد للسالكين طريقة ذلك بدقة وعمق
شديدين ..
علم الحكمة يعلّم السالك ما هي الأفكار؟
ما هي أنواعها ؟
كيف يتم رصدها؟
وكيف يمكنه السيطرة عليها؟
السيطرة على الفكر هي الأداة التي يستعين بها
الحكماء لاختبار الواقع الحقيقي .
فكما قلنا من قبل فإن الأكوان الأخرى
والمستويات الأخرى للوجود موجودة معنا هنا والآن .
الحكماء الذين يختبرون الأكوان الأخرى ويلتقون
مع كائنات عاقلة من عوالم أخرى لا يذهبون لأي مكان آخر ..
هم لا يركبون مركبات فضائية ويرتحلون لهناك !
الانتقال يتم بالوعي .. بالفكر .
فالواقع هو انعكاس للوعي ..
عندما يتغير مستوى الوعي يتغير الواقع
المختَبر .
الواقع المختَبر هو واقع حقيقي وفعلي كما
ذكرنا .
الأداة الرئيسة في هذا الانتقال هي .. السيطرة
على الفكر .
هي المركبة التي يستخدمها الحكماء للانتقال
للعوالم الأخرى .
هي المركبة التي يستخدمها الحكماء لاختبار
أبعاد أعلى في المكان والزمان .
نعيد ونكرر إن كل ذلك ليس خيالاً بل حقيقة
فعليه .. ومن تحدث له يعلم إنها حقيقة فعليه .
لا يتم ذلك إلا بالسيطرة على الفكر .
إلا بالسيطرة على هذه الطبقات التي تحجُب
الرؤية والتي تغلق الأبواب للارتحال لما هو أعلى .
فبسبب الخلط بين الواعي وبين ما يعيه ..
ولأن هذا الخلط مستحكم بالنفس بقوة وبشدة..
يكون من السهل أن ينسى السالك أنه ليس هو ما
يفكر فيه ..
سينسى السالك دائماً أن كل ذلك هي برامج
موجودة في عقله ونفسه بفعل الشبكة التي غرق فيها .
يحدث ذلك للسالكين دائماً!
فكما قلنا فإن الطبقات التي تحجب رؤية الواقع
الحقيقي هي طبقات مستحكمة في ذهن ونفس الإنسان .
هي أشبه بالعادات القوية المستحكمة في النفس .
والتخلص منها يتطلب جهداً طويلاً ومستمراً ..
وعزماً وإرادة لا تلين .
وهو أمر يتطلب وقتاً طويلاً يختلف من إنسان
إلى آخر ، كلٌ على حسب مستواه وقدر عزيمته .
عندما يستمر السالك بالقيام بهذه الممارسة
بعزيمة وشجاعة متواصلين سيحدث أمراً غريباً..
يبدأ الانفصال بالحدوث
يبدأ الفصل بين الواعي وما يعيه .. بين
المشاهد وما يشاهده .. بين الراصد والمرصود .
الرجل الذي تحدثنا عنه وقد كان ينظر إلى
اللوحة عن قرب شديد خطا خطوة للخلف الآن ..
يصبح السالك كمن أخذ خطوة للخلف في نظرته
للواقع .
عند هذه اللحظة يبدأ السالك وبشكل تدريجي
بالنظر للواقع بطريقة مختلفة ..
من نقطة أبعد .. من أعلى .
عندما يستشعر السالك ذلك في نفسه ويراه بنفسه
يزداد حماساً وعزيمة .
عند الاستمرار أكثر في مراقبة الفكر والنفس
وبعناد وإصرار شديدين ..
تبدأ صورة أوسع للواقع بالدخول في وعي السالك
..
لقد اتسع مستوى الوعي ..
يبدأ السالك باختبار ما لم يكن يختبره من قبل
.
تبدأ الأكوان الأخرى بالدخول في مدى وعي
السالك ..
ويبدأ السالك وبشكل تدريجي أغلب الوقت ومفاجئ
أحياناً بمشاهدة بعض من ذلك كلمحات ..
كتجربة إدراكية تأتي وتذهب ..
السالك الآن كمن يرى بصيص من الضوء بعد أن
تمكن من إزالة بعض الطبقات التي تغلف وعيه .
تكون بعض هذه التجارب الإدراكية من القوة مما
يهز كيان السالك هزاً عنيفاً .
هي لحظات لا تنسى ..
وهي خبرات لم يمر السالك بها من قبل ..
وهي خبرات لا يمكن أن يمر بها إلا من يسلك
طريق الحكمة .
يعلم السالك عندها بنفسه إن كل ما تحدث عنه
الحكماء هو الحقيقة بعينها .
يعلم الآن وقد اختبر بنفسه إن كل ذلك هو حقيقة
لا شك فيها .
وأن الحكماء لم يأتوا بشيء من عندهم بل هم فقط
ذكروا لنا ما رأوه .
إن هذه الخبرات الإدراكية هي لحظات حاسمة في
مصير الإنسان .. في مصير السالك .
ولكن ومع كل هذا ..
مازالت الشبكة قوية جداً !
كل ما فيها ومن فيها يحث السالك ويدعوه ويغريه
للخروج عن الطريق .
جسده يحثه لإشباع حاجاته ..
شخصيته تدعوه للحصول على هذا الشيء أو ذاك ..
عائلته .. أقاربه ..أصدقاءه ..عمله
..مسؤولياته والتزاماته ..
السالك مشتت الذهن والنفس بين الطريق وبين ما
يثني عن الطريق.
سيجد السالك أن من الصعب عليه الاستمرار في
مراقبة النفس والسيطرة على الفكر ..
فهو بسبب كل هذه الضغوط يكون من السهل عليه أن
ينسى القيام بذلك .
طبقات الشخصية .. البرامج التي تحركه
تسيطر عليه أكثر مما يسيطر
هو عليها.
لابد من شيء آخر ..
لابد من التركيز .
|
الرئيسية | المكتبة | اتصل بنا |