العالم  كما يراه  الحكماء النظرة العلمية للعالم من السماء إلى الأرض

  معرفة الواقع كما هو ضرورة حتمية تفرضها المعاناة .

  الحكمة  هي العلم الذي من خلاله تُعرف ماهية الواقع كما هو موجود بالفعل ثم اختباره خبرة مباشرة .

  العالم الذي ندركه هو خيال ووهم  .. وهو يظهر نتيجة الطبقات التي تغلف الوعي .

   عالمنا الذي ندركه لا يمثل سوى شريحة ضيقة بالغة الضيق من الواقع الحقيقى الموجود بالفعل  والموجود هنا والآن .

  عالمنا يحجب الواقع الفعلي ويحبسنا داخل شبكة تفاعلية وهمية  موجودة بالفعل .. ماتريكس .

  نتيجة الجهل وتحت تأثير الشبكة يتقزم الإنسان ويبتعد عن حقيقته الفعلية التي لا حدود لعظمتها .

  يمكن اختراق هذه الشبكة واختبار الواقع الفعلي .. عندما يتحقق ذلك تنتهي المعاناة ويتحرر الإنسان من كل القيود .

  حياة الإنسان هي رحلة  هدفها اختبار الواقع الكلي والعودة للمصدر الأول .. حيث كل شيء .

 

مقدمة ضرورة المعرفة أعمار الأنفس في نظرية  المعرفة طريق الحكمة في المعرفة من الخارطة إلى الرحلة
في  الممارسة وحدة المعرفة والممارسة الحكمة والدين الحكمة والعلم غاية الحكمة ماوراء كل شيء خاتمة

الحكمة والعلم .

 

لماذا نجح المنهج العلمي وحقق ما لم يحققه ما قبله من المعتقدات والأفكار والفلسفات ؟

السبب كما ذكرنا لأن لدى العلم وسيلة لحسم الخلاف في القضايا التي يبحث فيها .

هذه الوسيلة هي التجربة المباشرة على الواقع نفسه .

بإجراء التجارب يتمكن العلماء من حسم القضايا وإنهاء الخلاف والانتقال لقضايا أخرى .

التجربة هي ما يحسم الخلاف ..هي وسيلة لا مجال للرأي فيها .

وهي الطريقة الصحيحة الناجعة للمعرفة ..

والالتزام بهذه الطريقة هي السبب في نجاح العلم وتقدمه .

ولكن هناك مشكلة !

المشكلة ليست في العلم ولا في المنهج العلمي ..

المشكلة هي في فهم المنهج العلمي وفي فهم التجربة العلمية .

المشكلة أن البعض يُصر على أن العلم كما نفهمه الآن قادر على الإجابة عن أسئلة لا تخضع للتجربة.

وهو اعتقاد غير صحيح وغير علمي .

لا يمكن للعلم أن يبُت في قضية لا تخضع للتجربة بإيجاب أو نفي .

أي قضية لا يمكن إجراء التجارب عليها هي خارج إطار العلم .

لا يمكن للعلم أن يقول إنها مطابقة للواقع ..

ولا يمكن له أن يقول إنها غير مطابقة للواقع .

هذا هو المنهج العلمي .

خلط أتباع الأديان بين الدين وبين فهم الدين والخلافات التي وقعوا بها بسبب هذا الخلط ..

والفظائع التي ارتكبت بسبب هذا الخلاف وهذا الخلط ..

أديا بالبعض لأن ينبذوا الأديان كلياً ويضعوا كامل ثقتهم بالعلم وحده للبحث عن الحقيقة ومعرفة ماهية الواقع .

وقد نجح العلم نجاحاً عظيماً مما أدى لتعميق الثقة به .

حتى الآن لا مشكلة .

المشكلة تظهر عندما يقع هؤلاء في نفس الخطأ الذي وقع فيه أتباع الأديان الأخرى .

وذلك بالخلط بين الواقع كما هو وبين الواقع الخاضع للتجربة كما نفهمها .

النتيجة كانت هي حصر المعرفة في حدود المدركات الحسية كما نفهمها حالياً .

"أي شيء لا يقع في حدود المدركات الحسية لا يمكن أن يكون موجود ..

وبالتالي لا وجود لما هو خارج العالم الفيزيائي ..

ولا وجود لما هو خارج إطار المكان والزمان ".

وهو اعتقاد كما ذكرنا غير صحيح وغير علمي .

وهو اعتقاد غير خاضع للتجربة ولا للمدركات الحسية

الاعتقاد العلمي الصحيح كما ذكرنا هو أن أي شيء لا يقع في حدود المدركات الحسية هو خارج إطار العلم ..

لا يمكن للعلم البت فيه بإيجاب أو نفي .

فالعلم كما نفهمه حالياً لا يمكن أن يكون الأداة الكاملة لمعرفة الواقع كما هو .

الأمر هنا أشبه بإنسان يستخدم ميزاناً دقيقاً لقياس الأوزان .. وبسبب دقة هذا الميزان وأمانته يصر صاحبة لاستخدامه في قياس الأطوال أيضاً !

المنهج العلمي كما نفهمه الآن هو أداة أمينة و ودقيقة في معرفة الواقع الخاضع للتجربة .

والتجربة العلمية هي التجربة الخاضعة للمدركات الحسية الخمسة ..

هكذا نُعرّف التجربة حالياً .. وهكذا نعرّف المدركات الحسية.

الاعتقاد أن التجربة هي فقط ما يمكن أن يكون خاضع للمدركات الحسية الخمسة هو مجرد اعتقاد.. لا يختلف عن اعتقاد أي دين آخر .

هذا الاعتقاد ليس له علاقة بالعلم .. هو مجرد اعتقاد .

التجربة المباشرة يمكن أن تكون خاضعة للمدركات الحسية وممكن أن تتجاوزها .

وهذا هو مفهوم التجربة عند علم الحكمة .

الحكمة هي علم ..

وهي أيضاً تقوم على التجربة المباشرة .

هذه التجربة تتجاوز المدركات الحسية .

الأساس المعرفي لطريق الحكمة هي الذات العارفة وليست المدركات الحسية .

فكما تحدثنا في نظرية المعرفة فالذات العارفة هي أساس المدركات الحسية التي يقوم عليها المنهج العلمي.

والذات العارفة هي أساس المدركات العقلية التي يقوم عليها المنهج الرياضي .

فالتجربة المباشرة التي يقوم عليها علم الحكمة هي الذات العارفة التي هي أساس وبرهان كل معرفة أخرى وهي برهان ذاتها .

وطريق الحكمة يقوم على استكشاف ومعرفة الذات العارفة التي بها يُعرف كل شيء آخر .

فالحكمة هي علم أكثر اتساعاً وعمقاً من المنهج العلمي كما نفهمه لأن مفهوم التجربة لديها أكثر اتساعاً من مفهوم التجربة في المنهج العلمي كما نفهمه الآن.

لا يمكن للحكمة أن تعارض العلم إذاً ..

لأن الحكمة نفسها هي علم ..

ولا يمكن لمعرفة الذات أن تأتي بما يخالف الواقع .

لأن الواقع أصلاً هو انعكاس للذات ..

الذات والواقع هما شيء واحد لا شيئان متعارضان .

لا يوجد هناك شيئان .. هناك شيء واحد .

ولهذا السبب فإن المعرفة العلمية الحديثة تقارب في معرفتها عن ماهية الواقع ما تحدث عنه الحكماء الذين تعمقوا في معرفة الذات والواقع الذي تعكسه وقد تحدثنا عن ذلك في قسم المعرفة العلمية عن العالم .

إن ما يهمنا هنا أن يفهمه القارئ هو الآتي :

إن الحكمة والعلم هما شيء واحد في المنهج والغاية .

التشابه في المنهج :

فمنهج كلاً من الحكمة والعلم واحد وهو قائم على الخبرة المباشرة .

الفارق أن العلم كما نفهمه الآن ينظر إلى العالم الخارجي كشيء منفصل عن الذات العارفة ولهذا فهو يحصر الخبرة المباشرة في المدركات الخمسة التي تربطه بهذا العالم .

أما الحكمة فهي لا تفصل بين العالم الخارجي والذات العارفة ولهذا فمفهوم الخبرة المباشرة يكون لديها أكثر اتساعاً بكثير .

فتكون نتيجة هذا الفارق هي أن الواقع الذي يراه العلم لا يتعدى أن يكون شريحة ضيقة بالغة الضيق عن الواقع الفعلي كما هو والذي يراه ويختبره ويتحدث عنه الحكماء.

إن الحكماء يدعون الآخرين لأن يسيروا على طريق الحكمة ويختبروا بأنفسهم الواقع كما هو ..

عندما يسير المرء على طريق الحكمة سيختبر بنفسه الواقع خبرة مباشرة .

عندما يختبر الواقع بنفسه من خلال اللمحات الإدراكية للواقع الأعلى سيعلم أن هناك معنى آخر للخبرة المباشرة ..

وسيعلم أن هناك معنى آخر للمدركات الحسية ..

وسيعلم أن هناك معنى آخر للمدركات العقلية ..

هذا المعنى الآخر لا يخالف ما نفهمه الآن عن المدركات الحسية والعقلية ولكنه يتجاوزه ويتعداه .

يمكن وصف العلاقة بين الحكمة وبين العلم كما نفهمه الآن بالعلاقة بين الأخ الأكبر والأخ الأصغر..

فكلاهما من نفس الطبيعة والأصل والفارق بينهما هو فارق في الدرجة .

عندما تنحصر الحكمة في حدود الواقع الفيزيائي المدرك بالحواس بالانطلاق من مبدأ الانفصال بين الذات والواقع تصبح علماً .

عندما ينطلق العلم لما وراء الواقع الفيزيائي بالانطلاق من مبدأ ارتباط الذات بالواقع يصبح حكمة .

وبذلك يصبح العلم هو الحكمة عندما تعمل من داخل واقعنا المدرَك .. وتصبح الحكمة هي العلم عندما يعمل من خارج واقعنا المدرَك .

التشابه في الغاية

وهما أيضاً شيء واحد في الغاية والهدف.

الغاية من العلم كما نفهمه حالياً هو تحرير الإنسان من القيود التي يفرضها جهله بالواقع .

مع كل معرفة علمية .. مع كل اكتشاف ..مع كل تقدم علمي يتحرر الإنسان من أحد قيوده .

عندما يتم معرفة وفهم قوانين لظاهرة ما يتم استغلال هذه المعرفة في صنع أداة أو تركيب دواء أو حل مشكلة ما يواجهها الإنسان .

مع كل تقدم علمي يحدث ، يتحرر الإنسان من مشكلة أو عائق .

فالعلم يحرر ..

والجهل يقيد ..

وكلما تقدم العلم أكثر كلما زاد تحرر الإنسان من قيوده .

كذلك الأمر في الحكمة

فهي تحرر الإنسان من القيود التي تفرضها الشبكة ..

تحرره من طبقات الوعي التي تقيده بشخصية تم فرضها عليه فرضاً عند دخوله هذا العالم ..

تحرره  من الموت .. من المرض .. من الشيخوخة .. من المعاناة بكل أشكالها.

لأنها تحرره من الواقع المحدود الذي  يعيه ويعيش فيه نتيجة لطبقات الوعي التي تغلف وعيه وتحصره في حدود الشبكة وقيودها .

بالعلم يتمكن الإنسان من رفع مستوى معيشته والتخلص من الكثير مما قد يعيق حياة طيبة وهنيئة .. فهو بالعلم يرفع من درجة سعادته .

وكلما تقدم العلم أكثر كلما زادت سعادة الإنسان أكثر .

أما بالحكمة ولأنها الأخ الأكبر للعلم والتي لها مدى أوسع فإنها تسحق المعاناة وتحقق ما قد يُظن أنه المستحيل بعينة ..

السعادة المطلقة .

>>


   
 
مقدمة
ضرورة المعرفة - المعاناة
أعمار الأنفس
في نظرية المعرفة  :
                       مصادر المعرفة - كيف يمكن أن نعرف
                       الأساس المعرفي لطريق الحكمة
                       اليقين

طريق الحكمة

في المعرفة - لعالم كما يصفه الحكماء :
                     العوالم الأخرى
                     مستويات  الوجود
                     الكل وأجزاءه
                     العالم كوحدة واحدة
                     ماوراء المكان والزمان
                     المصدر الأول - الموجود الحق
                     العالم الحُلم -  الواقع التمثيلي
                     حُجب  الوعي
                     العالم كإنعكاس
                    الإستغراق في العالم  - ظهور الشبكة ( الماتريكس)
                     أسباب الخلاف
                    الشبكة المتفاعلة
                    

من الخارطة إلى الرحلة

في الممارسة - طريق الخبرة المباشرة
                 الإرادة والعزيمة
                 القلب - مركز الانتباه
                 السيطرة على الفكر - مراقبة النفس
                 التركيز
                 الهدوء النفسي  - السلام الداخلي
                 مسيرة الحياة - ميدان التدريب والتقييم
                 السلوك القويم - المعرفي و الأخلاقي والعملي
                 الزُهد
                 القدرات الخارقة
                 تحويل الواقع

وحدة المعرفة والممارسة
الحكمة والدين
الحكمة والعلم
غاية الحكمة - السعادة المطلقة
ما وراء كل شيء - هو
خاتمة

تنزيل رسالة الخروج إلى الداخل